من السم، إخفاء ذلك النطق عن الحاضرين إبداء وإظهار له صلى الله عليه وسلم، وبسبب ما تحلى به صلى الله عليه وسلم من كمال الحلم والعفو لم يقاصص تلك المرأة بجرحها، أي بجرح سمها، لأن السم يجرح الباطن كما يجرح الحديد الظاهر.
فلما مات بشر رضي الله تعالى عنه أمر بها فقتلت، أي وقيل وصلبت كما في أبي داود وعبارة السهيلي رحمه الله: وقد روى أبو داود أنه قتلها، ووقع في كتاب «شرف المصطفى» أنه قتلها وصلبها هذا كلامه. وقيل إنما تركها لأنها أسلمت، فالعفو عنها: أي عدم مؤاخذتها كان قبل أن يموت بشر رضي الله تعالى عنه، فلما مات بشر دفعها صلى الله عليه وسلم إلى أولياء بشر فقتلوها.
وفي الإمتاع: واختلفت الآثار في قتلها، ففي صحيح مسلم أنه لم يقتلها، وقال ابن إسحاق أجمع أهل الحديث على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلها، وقد علمت أنه لا مخالفة، لكن قتلها مشكل على ما عليه أئمتنا معاشر الشافعية من أن من ضيف بمسموم يقتل غالبا مميزا فمات كان شبه عمد لا قود فيه.
وفي كلام بعضهم أنها قالت: قد استبان لي الآن أنك صادق، وأني أشهدك ومن حضر أني على دينك، وأن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فانصرف عنها حين أسلمت، كذا في جامع معمر عن الزهري أنها أسلمت، قال معمر: هكذا قال الزهري إنها أسلمت والناس يقولون قتلها وإنها لم تسلم، وأمر صلى الله عليه وسلم بتلك الشاة فأحرقت.
وفي رواية أنه بعد سؤال اليهودية واعترافها بسط صلى الله عليه وسلم يده إلى الشاة، وقال لأصحابه: كلوا باسم الله، فأكلوا وقد سموا الله فلم يضر ذلك أحدا منهم، قال ابن كثير: وفيه نكارة وغرابة شديدة، هذا كلامه.
ويذكر «أن أخت بشر بن البراء دخلت عليه صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه، فقال لها: هذا أوان انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر» والأبهر: العرق المتعلق بالقلب.
وقد قسم صلى الله عليه وسلم غنائم خيبر؛ فأعطى الراجل سهما، والفارس ثلاثة أسهم بعد أن خمسها خمسة أجزاء؛ ومن جملة من أعطاه صلى الله عليه وسلم أبو سبيعة بن المطلب بن عبد مناف واسمه علقمة، ولم يقسم صلى الله عليه وسلم لمن غاب من أهل الحديبية إلا لجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما. ورضخ صلى الله عليه وسلم للنساء، أي وكن عشرين امرأة، فيهن صفية عمته صلى الله عليه وسلم وأم سليم وأم عطية الأنصارية.
وعن بعضهم قالت «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة، فقلت: يا رسول الله قد أردنا الخروج معك نعين المسلمين ما استطعنا، فقال: على بركة الله، قالت فخرجنا