أي وفي الإمتاع: وسببها أن شخصا من بني بكر هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصار يتغنى به، فسمعه غلام من خزاعة فضربه فشجه، فثار الشرّ بين الحيين مما كان بينهم من العداوة، فطلب بنو نفاثة من أشراف قريش أن يعينوهم بالرجال والسلاح على خزاعة، فأمدوهم بذلك، فبيتوا خزاعة: أي جاؤوهم ليلا بغتة وهم آمنون على ماء لهم يقال له الوتير، فأصابوا منهم. أي قتلوا منهم عشرين أو ثلاثة وعشرين، وقاتل معهم جمع من قريش مستخفيا، منهم صفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى، أي وعكرمة بن أبي جهل وشيبة بن عثمان وسهيل بن عمرو رضي الله عنهم، فإنهم أسلموا بعد ذلك، ولا زالوا بهم إلى أن أدخلوهم دار بديل بن ورقاء الخزاعي بمكة، أي ولم يشاوروا في ذلك أبا سفيان. قيل شاوروه فأبى عليهم ذلك، وظنوا أنهم لم يعرفوا، وأن هذا لا يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما ناصرت قريش بني بكر على خزاعة، ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق ندموا، وجاء الحارث بن هاشم إلى أبي سفيان وأخبره بما فعل القوم، فقال: هذا أمر لم أشهده ولم أغب عنه، وأنه لشر، والله ليغزونا محمد، ولقد حدثتني هند بنت عتبة يعني زوجته أنها رأت رؤيا كرهتها، رأت دما أقبل من الحجون يسيل حتى وقف بالخندمة فكره القوم ذلك.
وعند ذلك خرج عمرو، وقيل عمر بضم العين وصححه الذهبي ابن سالم الخزاعي: أي سيد خزاعة في أربعين راكبا: أي من خزاعة فيهم بديل بن ورقاء الخزاعي حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ودخل المسجد ووقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد بين الناس وقال من أبيات:
يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا
إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا
هم بيتونا بالوتير هجدا ... وقتلونا ركعا وسجدا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم، أي ودمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وقال: لا ينصرني الله. وفي لفظ: لا نصرت إن لم أنصر بني كعب: يعني خزاعة مما أنصر به نفسي. وفي رواية: لأمنعهم مما أمنع منه نفسي. زاد في رواية:
وأهل بيتي ثم مرّت سحابة في السماء وأرعدت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا السحاب ليستهلّ، أي وفي لفظ: لينصب بنصر بني كعب يعني خزاعة.
أي وعن بشر بن عصمة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«خزاعة مني وأنا منهم» وقبل قدوم عمرو بن سالم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعلامه بذلك