للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينظرون فيما فعلت، فاستوى صلى الله عليه وسلم على راحلته بعد العصر ودعا بإناء فيه ماء، وقيل لبن فشرب، ثم ناوله لرجل بجنبه فشرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس صام، فقال: أولئك العصاة، أي لأنهم خالفوه أمره صلى الله عليه وسلم لهم بالفطر ليقووا على مقاتلة العدو، لأنه صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما دنوا من عدوهم: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم، فلم يزل صلى الله عليه وسلم يفطر حتى انسلخ الشهر انتهى.

أي وفي قديد عقد صلى الله عليه وسلم الألوية والرايات، ودفعها للقبائل، ثم سار حتى نزل بمر الظهران: أي وهو الذي يقال له الآن بطن مرو عشاء، أي وقد أعمى الله الأخبار عن قريش إجابة لدعائه صلى الله عليه وسلم، فلم يعلموا بوصوله إليهم، أي ولم يبلغهم حرف واحد من مسيره إليهم، فأمر صلى الله عليه وسلم أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار، وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان العباس رضي الله عنه قد خرج قبل ذلك بعياله مسلما، أي مظهرا للإسلام مهاجرا، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة، وقيل بذي الحليفة، فرجع معه إلى مكة، أي وأرسل أهله وثقله إلى المدينة، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «هجرتك يا عم آخر هجرة كما أن نبوتي آخر نبوة» قال العباس رضي الله عنه:

ورقت نفسي لأهل مكة، أي وقال: يا صباح قريش، والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر. قال العباس رضي الله عنه: فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء أي زاد بعضهم التي أهداها له دحية الكلبي، فخرجت عليها حتى جئت الأراك، فقلت: لعلي أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة يخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة فو الله إني لأسير إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان، أي وقد خرجا وحكيم بن حزام: أي بعد أن خرج أبو سفيان وحكيم بن حزام، فلقيا بديلا فاستصحباه وخرجوا يتجسسون الأخبار، وينظرون هل يجدون خبرا أو يسمعون به؟ أي لأنهم علموا بمسيره صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا إلى أي جهة.

وفي سيرة الدمياطي: ولم يبلغ قريشا مسيره إليهم فلا ينافي ما قبله. وهم مغتمون يخافون من غزوه إياهم، فبعثوا أبا سفيان بن حرب يتجسس الأخبار وقالوا:

إن لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا، أي فلما سمعوا صهيل الخيل راعهم ذلك وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا، هذه كنيران عرفة، وبديل يقول له: هذه والله خزاعة حمشتها الحرب، وحمشتها بالحاء المهملة والشين المعجمة:

أي أحرقتها وقيل بالسين المهملة: أي اشتدت عليها من الحماسة وهي الشدة، وأبو سفيان يقول: خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. أي وفي رواية أن القائل هذه خزاعة غير بديل، وأن بديلا هو القائل هؤلاء أكثر من خزاعة وهو المناسب، لأن بديلا من خزاعة. قال العباس رضي الله عنه: فعرفت صوت أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>