وذكر عبد بن حميد أن النبي صلى الله عليه وسلم حين عرض الإسلام على أبي سفيان، قال له: كيف أصنع بالعزى، فسمعه عمر رضي الله تعالى عنه من وراء القبة، فقال له:
تخرأ عليها، فقال له أبو سفيان: ويحك يا عمر، إنك رجل فاحش، دعني مع ابن عمي فإياه أكلم، وكان في هذا تصديق أمية بن أبي الصلت، فإنه كان يقول: كنت أرى في كتبي أن نبيا يبعث في حرتنا فكنت أظن بل كنت لا أشك أني أنا هو، فلما دارست أهل العلم إذ هو في بني عبد مناف، فنظرت في بني عبد مناف فلم أجد أحدا يصلح لهذا الأمر إلا عتبة بن ربيعة فلما جاوز الأربعين سنة ولم يوح إليه علمت أنه غيره. قال أبو سفيان: فخرجت في ركب أريد اليمن في تجارة فمررت بأمية بن أبي الصلت فقلت له كالمستهزىء به: يا أمية قد خرج النبي الذي قد كنت تنعته، قال إنه حق فاتبعه، قلت: ما يمنعك من اتباعه؟ قال: ما يمنعني من اتباعه إلا الاستحياء من بنيات ثقيف، إني كنت أحدّثهم أني هو يرينني تابعا لغلام من بني عبد مناف، ثم قال لأبي سفيان: كأني بك يا أبا سفيان إن خالفته قد ربطت كما يربط الجدي حتى يأتي بك إليه فيحكم فيك بما يريد، رواه الطبراني في معجمه.
وذكر بعضهم أن أمية هذا كان يتفرس في بعض الأحيان في لغات الحيوان، فمر يوما على بعير عليه امرأة راكبة وهو يرفع رأسه إليها ويرغو، فقال: هذا البعير يقول إن في رحله مسلة تصيب ظهره، فأنزلوا تلك المرأة وحلوا ذلك الرحل، فوجدوا المسلة كما قال.
وذكر أن حكيم بن حزام قال: يا رسول الله أجئت بأوباش الناس من يعرف ومن لا يعرف إلى أهلك وعشيرتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم أظلم وأفجر، قد غدرتم بعقد الحديبية، وتجارتهم على بني كعب يعني خزاعة بالإثم والعدوان في حرم الله وأمنه، فقال بديل: صدقت والله يا رسول الله، فقد غدروا بنا، والله لو أن قريشا خلوا بيننا وبين عدوّنا ما نالوا منا الذي نالوا، فقال حكيم: قد كنت يا رسول الله حقيقا أن تجعل عدتك وكيدك لهوازن، فإنهم أبعد رحما وأشد عداوة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن يجمعها لي ربي: فتح مكة، وإعزاز الإسلام بها، وهزيمة هوازن وأخذ أموالهم وذراريهم، وقال له أبو سفيان: يا رسول الله ادع الناس بالأمان، أرأيت إن اعتزلت قريش فكفت أيديها آمنون هم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، من كف يده وأغلق داره فهو آمن، قال العباس: فقلت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا، قال: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن.
أي فحكيم بن حزام من مسلمة الفتح، وكان عمره ستين سنة، وبقي في