الإسلام مثل ذلك، كان من أشراف قريش في الجاهلية والإسلام، وأعتق في الجاهلية مائة رقبة، وفي الإسلام مثل ذلك، فإنه حج في الإسلام، وأوقف بعرفة مائة وصيف في أعناقهم أطواق الفضة منقوش عليها «عتقاء الله عن حكيم بن حزام» وأهدى مائة بدنة قد جللها بالحبرة، وأهدى ألف شاة. وعقد صلى الله عليه وسلم لأبي رويحة الذي آخى صلى الله عليه وسلم بينه وبين بلال لواء، وأمره أن ينادي: من دخل تحت لواء أبي رويحة فهو آمن، أي وإنما قال ذلك لما قال له أبو سفيان: وما تسع داري، وما يسع المسجد؟ ولما قال له صلى الله عليه وسلم ذلك قال أبو سفيان: هذه واسعة، ثم أمر صلى الله عليه وسلم العباس أن يحبس أبا سفيان وبديلا وحكيم بن حزام أي وعليه إنما خص أبو سفيان بالذكر في بعض الروايات لشرفه قال له: احبسه بمضيق الوادي حتى تمر به جنود الله فيراها. قال العباس:
ففعلت، فمرت القبائل كلها، كلما مرت قبيلة كبرت ثلاثا عند محاذاته. قال: يا عباس من هذه؟ فأقول سليم، فيقول: ما لي ولسليم، أي فإن أوّل القبائل مرّ سليم، وفيها خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه، ثم تمر القبيلة، فيقول: يا عباس من هؤلاء؟ فأقول: مزينة، فيقول: ما لي ولمزينة، حتى نفدت بالفاء والدال المهملة القبائل كلها، ما تمر قبيلة إلا سألني عنها، فإذا قلت له بنو فلان، قال: ما لي ولبني فلان.
أي وقد ذكرها بعضهم مرتبة، فقال: أوّل من مر خالد بن الوليد في بني سليم بضم السين. فقال أبو سفيان: يا عباس من هؤلاء؟ قال: هذا خالد بن الوليد، قال:
الغلام؟ قال: نعم، قال: ومن معه؟ قال: بنو سليم، قال: ما لي ولبني سليم.
ثم مر على أثره الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه في خمسمائة من المهاجرين وفتيان العرب؟ فقال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال الزبير، قال: ابن أخيك؟
قال: نعم.
ثم مرت بنو غفار بكسر الغين المعجمة، ثم أسلم، ثم بنو كعب، ثم مزينة، ثم جهينة ثم كنانة، ثم أشجع.
ولما مرت أشجع قال أبو سفيان للعباس: هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد، قال العباس: أدخل الله الإسلام قلوبهم، فهذا فضل الله حتى مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء للبسهم الحديد. والعرب تطلق الخضرة على السواد كما تطلق السواد على الخضرة، وفيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد: أي فيها ألفا دارع وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: رويدا حتى يلحق أوّلكم آخركم. قال: سبحان الله يا عباس، من هؤلاء؟ فقلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار، فقال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، فقال أبو سفيان: والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما، فقلت: يا أبا سفيان إنها النبوّة،