فقال: نعم إذن، ثم قلت له: النجاء بالفتح والمد إلى قومك، حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة أم معاوية رضي الله تعالى عنهم، فأخذت بشاربه وقالت كلاما: معناه اقتلوا الخبيث الدنس الذي لا خير فيه، قبح من طليعة قوم.
أي وفي رواية أنها أخذت بلحيته ونادت: يا آل غالب اقتلوا الشيخ الأحمق، هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم؟ فقال لها: ويحك اسكتي وادخلي بيتك.
وقال: ويحكم، لا تغرّنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، قالوا قبحك الله، وما تغني عنا دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن، ومن دخل تحت لواء أبي رويحة فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، أي وبهذا استدل على أن مكة فتحت صالحا لا عنوة. وبه قال إمامنا الشافعي رحمه الله. وقال غيره: فتحت عنوة.
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه حكيم بن حزام مع أبي سفيان بعد إسلامهما إلى مكة، وقال: من دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن وكانت بأسفل مكة، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن وكانت بأعلى مكة، واستثنى صلى الله عليه وسلم جماعة أمر بقتلهم، وهم أحد عشر رجلا، أي وفي الإمتاع: ستة نفر، وأربع نسوة وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة: منهم عبد الله بن أبي سرح، وهو أخو عثمان بن عفان من الرضاعة، وكان فارس بني عامر، وكان أحد النجباء الكرام من قريش رضي الله تعالى عنه، فإنه أسلم بعد ذلك، وعبد الله بن خطل وقينتاه، وعكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك، والحويرث بن نفيل، ومقبس بن حبابة، وهبار بن الأسود رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك، وكعب بن زهير رضي الله عنه فإنه أسلم بعد ذلك، وهو صاحب بانت سعاد، والحارث بن هشام رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك، وهو أخو أبي جهل لأبويه، وزهير بن أمية رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك، وسارّة مولاة لبعض بني عبد المطلب رضي الله تعالى عنها فإنها أسلمت بعد ذلك وعاشت إلى خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وتقدم أنها كانت حاملة لكتاب حاطب بن أبي بلتعة، وصفوان بن أمية رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك، وزهير بن أبي سلمى: أي وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان، ووحشي بن حرب رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك.
وفي رواية أن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه كان معه راية رسول الله صلى الله عليه وسلم: