ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم، قال يوم النحر وهو بمنى:«نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر» يعني بالمحصب. وعن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما. قال:«يا رسول الله أين تنزل غدا؟ أتنزل في دارك؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل من دار؟» وتقدم ما يغني عن إعادته هنا، فكان صلى الله عليه وسلم يأتي المسجد من الحجون لكل صلاة، وكان دخوله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الاثنين.
فقد قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين، ووضع الحجر يوم الاثنين، وخرج من مكة: أي مهاجرا يوم الاثنين، أي ودخل المدينة يوم الاثنين، ونزلت عليه سورة المائدة يوم الاثنين.
ثم سار صلى الله عليه وسلم وإلى جانبه أبو بكر رضي الله تعالى عنه يحادثه ويقرأ سورة الفتح حتى جاء البيت وطاف به سبعا على راحلته، أي ومحمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه آخذ بزمامها ليستلم الحجر بمحجن في يده.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:«دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة ثلاثمائة وستون صنما لكل حي من أحياء العرب صنم قد شد إبليس أقدامها بالرصاص، فجاء صلى الله عليه وسلم ومعه قضيب، فجعل يهوي به إلى كل صنم منها فيخر لوجهه» وفي لفظ «لقفاه» وفي لفظ فما أشار لصنم من ناحية وجهه إلا وقع لقفاه، ولا أشار لقفاه إلا وقع على وجهه من غير أن يمسه بما في يده، يقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [الإسراء: الآية ٨١] حتى مر عليها كلها» .
وفي رواية:«فأقبل صلى الله عليه وسلم إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت وفي يده قوس أخذ بسيته» والسية: ما انعطف من طرف القوس «فأتى صلى الله عليه وسلم في طوافه على صنم إلى جنب البيت: أي من جهة بابه يعبدونه وهو هبل وكان أعظم الأصنام فجعل يطعن بها في عينيه، ويقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [الإسراء: الآية ٨١] أي فأمر به صلى الله عليه وسلم فكسر، فقال الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه لأبي سفيان: قد كسر هبل، أما إنك قد كنت في يوم أحد في غرور حين تزعم أنه قد أنعم، فقال أبو سفيان رضي الله تعالى عنه: دع هذا عنك يا ابن العوام، فقد أرى لو كان مع إله محمد صلى الله عليه وسلم غيره لكان غير ما كان، أي وانتهى صلى الله عليه وسلم إلى المقام وهو يؤمئذ لاصق بالكعبة» .
قال: وعن علي كرم الله وجهه، قال:«انطلق بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا حتى أتى الكعبة، فقال: اجلس، فجلست إلى جنب الكعبة، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكبي، ثم قال: انهض فنهضت، فلما رأى ضعفي تحته، قال اجلس. فجلست، ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا علي اصعد على منكبي، ففعلت» أي وفي رواية: «أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي كرم الله وجهه اصعد على منكبي واهدم الصنم، فقال، يا رسول الله، بل اصعد أنت فإني