للغة قوم ما هي لغة أهل هذه البلد، فقلنا له: نحن قوم من مضر، فقال: من أيّ المضائر؟ فقلنا: من خندف، فقال لنا: إن الله سيبعث فيكم نبيا وشيكا: أي سريعا فسارعوا إليه، وخذوا حظكم ترشدوا، فإنه خاتم النبيين، فقلنا له: ما اسمه؟ قال محمد، ثم دخل ديره، فو الله ما بقي أحد منا إلا زرع قوله في قلبه، فأضمر كل واحد منا إن رزقه الله غلاما سماه محمدا، رغبة فيما قاله: أي فنذر كل واحد منا ذلك، فلا يخالف ما سبق. قال: فلما انصرفنا ولد لكل واحد منا غلام فسماه محمدا رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالاته.
أقول: يجوز أن يكون هؤلاء الأربعة منهم الثلاثة الذين وفدوا على بعض الملوك. وحينئذ تكرر لهم هذا القول من الملك ومن صاحب الدير، وإضمار ذلك لا ينافي نذره المتقدم، فالمراد باضماره نذره كما قدمناه. ويجوز أن يكونوا غيرهم فيكونوا سبعة.
وذكر ابن ظفر أن سفيان بن مجاشع نزل على حيّ من تميم فوجدهم مجتمعين على كاهنتهم وهي تقول: العزيز من والاه، والذليل من خالاه، فقال لها سفيان: من تذكرين لله أبوك؟ فقالت: صاحب هدى وعلم وحرب وسلم، فقال سفيان: من هو لله أبوك؟ فقالت نبي مؤيد، قد آن حين يوجد، ودنا أوان يولد، يبعث للأحمر والأسود اسمه محمد، فقال سفيان: أعربي أم عجمي؟ فقالت: أما والسماء ذات العنان والشجر ذوات الأفنان، إنه لمن معدّ بن عدنان، حسبك فقد أكثرت يا سفيان، فأمسك عن سؤالها ومضى إلى أهله وكانت امرأته حاملا فولدت له ولدا فسماه محمدا، رجاء منه أن يكون هو النبي الموصوف، والله أعلم.
وقد عدّ بعضهم ممن سمي بمحمد ستة عشر، ونظمهم في قوله:
إن الذين سموا باسم محمد ... من قبل خير الخلق ضعف ثمان
ابن البراء مجاشع بن ربيعة ... ثم ابن مسلم يحمدي حرماني
ليثي السليمي وابن أسامة ... سعدي وابن سواءة همداني
وابن الجلاح مع الأسيدي يا فتى ... ثم الفقيمي هكذا الحمراني
قال بعضهم: وفاته آخران لم يذكرهما، وهما: محمد بن الحارث، ومحمد بن عمر بن مغفل بضم أوله وسكون المعجمة وكسر الفاء ثم لام. ووقع النزاع الكثير والخلاف الشهير في أوّل من سمي بذلك الاسم منهم.
أقول: وفي شرح الكفاية لابن الهائم. ويمكن أن يكون من زاد على أولئك الأربعة أو السبعة سمع ذلك من بعضهم فاقتدى به في ذلك، طمعا فيما طمع فيه.
ومثل ذلك وقع لبني إسرائيل، فإن يوسف صلوات الله وسلامه عليه لما حضرته