له قصي لأنه قصي: أي بعد عن عشيرته إلى أخواله بني كلب في ناديهم. وقيل بعد إلى قضاعة مع أمه لأنها كانت منهم.
أقول: لا مناقاة، لجواز أن تكون أم قصي من بني كلب وأبوها من قضاعة، وأنها رحلت بعد موت عبد مناف إلى بني كلب، ثم لما تزوجت من قضاعة رحلت إليها، ولعل قضاعة كانت جهة الشام، فلا يخالف ما قيل.
وقيل له قصي لأنه بعد مع أمه إلى الشام، لأن أمه تزوجت بعد موت أبيه وهو فطيم بشخص يقال له ربيعة بن حزام. وقيل حزام بن ربيعة العذري، فرحل بها إلى الشام وكان قصي لا يعرف له أبا إلا زوج أمه المذكور، فلما كبر وقع بينه وبين آل زوج أمه شرا: أي فإنه ناضل رجلا منهم فنضله قصي أي غلبه، فغضب ذلك الرجل وعير قصيا بالغربة وقال له: ألا تلحق بقومك وببلادك فإنك لست منا.
وفي لفظ: لما قيل له ذلك، قال ممن أنا؟ قيل له سل أمك فشكا ذلك إلى أمه، فقالت له: بلادك خير من بلادهم، وقومك خير من قومهم، أنت أكرم أبا منهم، أنت ابن كلاب بن مرة، وقومك بمكة عند البيت الحرام تفد إليه العرب، وقد قالت لي كاهنة رأتك صغيرا إنك تلي أمرا جليلا، فلما أراد الخروج إلى مكة قالت له أمه: لا تعجل حتى يدخل الشهر الحرام فتخرج مع حجاج قضاعة، فإني أخاف عليك، فشخص مع الحجاج، فقدم قصي مكة على قومه مع حجاج قضاعة، فعرفوا له فضله وشرفه، فأكرموه وقدموه عليهم، فساد فيهم ثم تزوج بنت حليل بالحاء المهملة المضمومة الخزاعي وكان أمر مكة والبيت إليه، وهو آخر من ولي أمر البيت والحكم بمكة من خزاعة، فجاء منها بأولاده الآتي ذكرهم، فلما انتشر ولده وكثر ماله وعلم شرفه مات حليل، فرأى قصي أنه أولى بأمر مكة من خزاعة، لأن قريشا أقرب إلى إسمعيل من خزاعة، فدعا قريشا وبني كنانة إلى إخراج خزاعة من مكة فأجابوه إلى ذلك وانضم له قضاعة، جاء بهم أخو قصي لأمه فأزاح قصي يد خزاعة وولي أمر مكة.
وقيل إن حليلا جعل أمر البيت لقصي. ولا منافاة لجواز أن تكون خزاعة لم ترض بما فعله حليل من أن يكون أمر البيت لقصي فحاربهم وأخرجهم من مكة.
وقيل إن حليلا أوصى بذلك لأبي غبشان بضم الغين المعجمة بعد أن أوصى بذلك لابنته زوج قصي وقالت له لا قدرة لي على فتح البيت وإغلاقه، وأن قصيا أخذ ذلك منه بزق خمر، فقالت العرب: أخسر صفقة من أبي غبشان.
وقيل إن أبا غبشان أعطى ذلك لبنت حليل زوج قصي، وأعطاه قصي أثوابا وأبعرة، فكان أبو غبشان آخر من ملك أمر مكة والبيت من خزاعة.