وفي منصرفه من تبوك قال أبو قتادة رضي الله عنه:«بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قافل من تبوك وأنا معه، إذ خفق خفقة وهو على راحلته فمال على شقه، فدنوت منه فدعمته، فانتبه فقال: من هذا؟ فقلت أبو قتادة يا رسول الله، خفت أن تسقط فدعمتك، فقال: حفظك الله كما حفظت رسوله ثم سار غير كثير ثم فعل مثلها فدعمته، فانتبه، فقال: يا أبا قتادة هل لك في التعريس؟ فقلت: ما شئت يا رسول الله، فقال انظر من خلفك، فنظرت فإذا رجلان أو ثلاثة فقال: ادعهم، فقلت أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاؤوا فعرسنا» .
وفي رواية قال أبو قتادة رضي الله عنه:«بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حتى ابهارّ الليل وأنا إلى جنبه فنعس فمال عن راحلته، فأتيته فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته ثم سار حتى تهور الليل مال عن راحلته، فدعمته حتى اعتدل على راحلته ثم سار حتى إذا كان من آخر السحر مال ميلة هي أشد من الميلتين الأولتين حتى كاد يسقط، فأتيته فدعمته فرفع رأسه فقال: من هذا؟ قلت: أبو قتادة، قال: متى كان هذا مسيرك مني؟ قلت: ما زال هذا مسيري منذ الليلة، قال: حفظك الله كما حفظت نبيه» وهذا تقدم في منصرفه من خيبر، ولا مانع من التعدد. ويحتمل أن هذا خلط وقع من بعض الرواة فليتأمل، ثم قال صلى الله عليه وسلم: هل ترى من أحد: يعني من الجيش؟ قلت: هذا راكب، ثم قلت هذا راكب آخر حتى اجتمعنا وكنا سبعة.
وفي رواية خمسة برسول الله صلى الله عليه وسلم، فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق، ثم قال: احفظوا علينا صلاتنا، وكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره، فقمنا فزعين. ثم قال: اركبوا، فركبنا، فسرنا حتى ارتفعت الشمس: ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شيء من ماء، فتوضأ منها وبقي فيها شيء، وفي رواية: جرعة من ماء، ثم قال لي: احفظ علينا ميضأتك، وفي رواية: ازدهر بها يا أبا قتادة فسيكون لها نبأ» الحديث.
وفي رواية: «ما أيقظنا إلا حر الشمس، فقلنا: إنا لله فاتنا الصبح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنغيظن الشيطان كما غاظنا، فتوضأ من الإداوة التي هي الميضأة، ففضل فضل، فقال يا أبا قتادة احتفظ بما في الإداوة، واحتفظ بالركوة فإن لهما شأنا فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر بعد طلوع الشمس. وفي لفظ إن عمر رضي الله عنه هو الذي أيقظ النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير.
أقول: ظاهر هذه الرواية أنهم صلوا بمحلهم ولم ينتقلوا. وفي رواية قال لهم صلى الله عليه وسلم: تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة. وفي لفظ: ارتحلوا، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان.