أن تقول: كان الظاهر الاقتصار على الأخوات، لأن أم حبيبة هي التي عرضت أختها ولم تعرض بنتها التي هي درة.
وقد يجاب بأنه صلى الله عليه وسلم جعل خطاب أم حبيبة خطابا لجميع زوجاته صلى الله عليه وسلم، لأن هذا الحكم لا يختص بواحدة دون أخرى اهـ.
أقول: فيه أن هذا واضح لو كان في زوجاته صلى الله عليه وسلم من عرض عليه بنته، إلا أن يقال المراد فلا تعرضن لا ينبغي لكن أن تعرضن، وذلك لا يستلزم وقوع العرض بالفعل.
ثم رأيت الإمام النووي رحمه الله ذكر أن هذا من أم حبيبة: أي من عرض أختها محمول على أنها لم تكن تعلم تحريم الجمع بين الأختين عليه صلى الله عليه وسلم. قال:
وكذا لم تعلم من عرض بنت أم سلمة تحريم الربيبة، هذا كلامه، وهو يقتضي أن بعض الناس عرض عليه بنت أم سلمة. وإذا كان من عرضها عليه إحدى نسائه اتجه قوله: «فلا تعرضن عليّ بناتكن» تأمل.
وبهذا الحديث استدل من قال: إنه لا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين المرأة وأختها، وهو الراجح من وجهين.
ومقابله يقول: خص بجواز ذلك له، ولا يجمع بين المرأة وبنتها، خلافا لوجه حكاه الرافعي، وهذا الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لو لم أنكح أم سلمة لم تحل لي» يردّ هذا الوجه.
وعبارة الخصائص الصغرى: وله صلى الله عليه وسلم الجمع بين المرأة وأختها وعمتها وخالتها في أحد الوجهين، وبين المرأة وابنتها في وجه حكاه الرافعي وتبعه في الروضة.
وجزموا بأنه غلط، والله أعلم.
ومما يدل أيضا على أن عمه صلى الله عليه وسلم حمزة أخوه من الرضاعة ما جاء عن علي رضي الله تعالى عنه قال: «قلت: يا رسول الله ما لك لا تتوّق في قريش» أي بمثناتين فوق مفتوحتين ثم واو مشددة ثم قاف: أي لا تتشوق إليهم، مأخوذ من التوق الذي هو الشوق. وفي رواية بالتاء والنون: أي لا تختار ولا تتزوج منهم.
قال: أو عندك؟ قلت نعم ابنة حمزة: أي عمه، وهي أمامة وهي أحسن فتاة في قريش، قال: «تلك ابنة أخي من الرضاعة» أي وهذا، من عليّ رضي الله تعالى عنه محمول على أنه لم يكن يعلم بتحريم بنت الأخ من الرضاعة عليه صلى الله عليه وسلم، أو أنه لم يكن يعلم أن عمه حمزة أخ له صلى الله عليه وسلم من الرضاعة.
وفيه أنه جاء رواية «أليس قد علمت أنه أخي من الرضاعة، وأن الله قد حرم من الرضاعة ما حرم من النسب» إلا أن يراد بقوله: «قد علمت» أي أعلم. قال: