ولعله لم يقل أرضعتني وإياه ثويبة كما قال ذلك في أبي سلمة، لأن ثويبة أرضعت حمزة، ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبا سلمة لأن حمزة رضيعه أيضا من امرأة من بني سعد غير حليمة، كان حمزة رضي الله تعالى عنه مسترضعا عندها في بني سعد، أرضعته صلى الله عليه وسلم يوما وهي عند حليمة: أي فهو رضيعه صلى الله عليه وسلم من جهة ثويبة، ومن جهة تلك المرأة السعدية، ولم أقف على اسم تلك المرأة اهـ: أي ولو اقتصر على ثويبة لأوهم أنه لم يرتضع معه على غيرها. وذكر في الأصل أن بعضهم ذكر من مراضعه صلى الله عليه وسلم خولة بنت المنذر.
أقول: وتقدم ذلك، ونسب هذا البعض في ذلك للوهم، وأن خولة بنت المنذر التي هي أم بردة إنما كانت مرضعة لولده إبراهيم.
وقد يجاب عنه بأنه يجوز أن تكون خولة بنت المنذر اثنتان: واحدة أرضعته صلى الله عليه وسلم، وواحدة أرضعت ولده إبراهيم، وأن خولة التي أرضعته صلى الله عليه وسلم هي السعدية التي كانت ترضع حمزة التي قال فيها الشمس الشامي: لم أقف على اسم تلك المرأة، والله أعلم، ولم يذكر إسلام ثويبة إلا ابن منده.
قال الحافظ ابن حجر: وفي طبقات ابن سعد ما يدل على أنها لم تسلم، ولكن لا يدفع نقل ابن منده به. وفي الخصائص الصغرى: لم ترضعه صلى الله عليه وسلم مرضعة إلا أسلمت ولم أقف على إسلام ابنها مسروح.
أقول: ومما يدل على عدم إسلامه ما جاء بسند ضعيف «إذا كان يوم القيامة أشفع لأخ لي في الجاهلية» قال الحافظ السيوطي: يعني أخاه من الرضاعة لأنه لم يدرك الإسلام.
لا يقال: من أين أنه مسروح جاز أن يكون ابن حليمة، وهو عبد الله الذي كان يرضع معه صلى الله عليه وسلم، بناء على أنه لم يدرك الإسلام، لأنه لم يعرف له إسلام.
لأنا نقول: سيأتي عن شرح الهمزية لابن حجر أن عبد الله ولد حليمة أسلم، والله أعلم.
أي وقد يدل على عدم إسلام ثويبة وابنها المذكور الذي هو مسروح ما جاء «أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث لها بصلة وكسوة وهي بمكة، حتى جاءه خبر وفاتها مرجعه صلى الله عليه وسلم من خيبر سنة سبع، فقال: ما فعل ابنها مسروح، فقيل مات قبلها» أي ولو كانا أسلما لهاجرا إلى المدينة.
أقول: وهذا بظاهره يدل على أن مسروحا أدرك الإسلام. وقد ينافي علم وفاتهما مرجعه صلى الله عليه وسلم من خيبر ما ذكر السهيلي أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلها من المدينة، فلما افتتح مكة سأل عنها وعن ابنها مسروح، فأخبر أنهما ماتا.