وقد يقال: لا منافاة، لأنه يجوز أن يكون سؤاله الثاني للتثبت لوصوله محل إقامتهما.
والقول بأنهما لو كانا أسلما لهاجرا إلى المدينة. يقال عليه: يجوز أن تكون الهجرة تعذرت عليهما لعارض عرض لهما، والله أعلم. قال: وجاء أن أمه أرضعته صلى الله عليه وسلم تسعة أيام.
أقول: وعن عيون المعارف للقضاعي سبعة أيام. وفي الإمتاع أنها أرضعته صلى الله عليه وسلم سبعة أشهر، ثم أرضعته ثويبة أياما قلائل، هذا كلامه، وقوله ثم أرضعته ثويبة يخالف ما تقدم، من أن أول من أرضعه ثويبة، إلا أن يقال المراد أول من أرضعه غير أمه ثويبة فلا مخالفة.
وبهذا يرد نقل ابن المحدث عن الأصل أن أول لبن نزل جوفه صلى الله عليه وسلم لبن ثويبة، فإنه فهم ذلك من قول الأصل: أول من أرضعه ثويبة، لما علمت أن الأولية إضافية لا حقيقية، إلا أن يدعى ذلك في نقل ابن المحدّث أيضا: أي أول لبن نزل جوفه صلى الله عليه وسلم بعد لبن أمه والله أعلم.
قال: وأرضعه صلى الله عليه وسلم ثلاث نسوة: أي أبكار من بني سليم، أخرجن ثديهن فوضعنها في فمه فدرت في فيه فرضع منهن، وأرضعته صلى الله عليه وسلم أم فروة اهـ. أي وهؤلاء النسوة الأبكار كل واحدة منهن تسمى عاتكة، وهى اللاتي عناهن صلى الله عليه وسلم بقوله:«أنا ابن العواتك من سليم» على ما تقدم.
وما تقدم من أن أم أيمن أرضعته صلى الله عليه وسلم ذكره في الخصائص الصغرى، ردّ بأنها حاضنته لا مرضعته.
وعلى تقدير صحته ينظر بلبن أي ولد لها كان، فإنه لا يعرف لها ولد إلا أيمن وأسامة، إلا أن يقال جاز أن لبنها در له صلى الله عليه وسلم من غير وجود ولد كما تقدم في النسوة الأبكار.
وأرضعته صلى الله عليه وسلم حليمة بنت أبي ذؤيب، وتكنى أم كبشة: أي باسم بنت لها اسمها كبشة، ويكنى بها أيضا والدها الذي هو زوج حليمة: أي وكانت من هوازن أي من بني سعد بن بكر بن هوازن، وسيأتي الكلام على إسلامها.
وعنها أنها كانت تحدّث أنها خرجت من بلدها معها ابن لها ترضعه اسمه عبد الله، ومعها زوجها. قال: وهو الحارث بن عبد العزى، ويكنى أبا ذؤيب: أي كما يكنى أبا كبشة أدرك الإسلام وأسلم.
فقد روى أبو داود بسند صحيح عن عمرو بن السائب أنه بلغه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا يوما فأقبل أبوه من الرضاعة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجلسه بين يديه» .