إن غضب الله على خولة تعني نفسها إن كان من الصادقين، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما:
أي قال له لا سبيل لك عليها وهو دليل لإمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه القائل إن الفرقة بين الزوجين تحصل بنفس التلاعن.
وما جاء في بعض الروايات أنه طلقها ثلاثا قبل أن يأمره صلى الله عليه وسلم: أي بعدم الاجتماع بها فهو محمول على أنه ظن أن التلاعن لا يحرّمها عليه، فأراد تحريمها بالطلاق، فقال: هي طالق ثلاثا، ومن ثم قال له صلى الله عليه وسلم عقب ذلك لا سبيل لك عليها، أي لا ملك لك عليها فلا يقع طلاقك، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن جاء الولد على صفة كذا فعويمر صادق، وإن جاء على صفة كذا فعويمر كاذب، فجاء على الصفة التي تصدق عويمرا، فكان الولد ينسب إلى أمه.
وفي البخاري:«أن عويمرا أتى عاصم بن عدي وكان سيد بني عجلان فقال:
كيف تقولون في رجل وجد مع امرأته رجلا: أيقتله فتقتلونه، أم كيف يصنع؟ سل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى عاصم النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فكره النبي صلى الله عليه وسلم تلك المسألة وعابها، حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عويمر، فقال له عاصم: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة وعابها، أي لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكره المسألة التي لا يحتاج إليها: أي التي لم تكن وقعت لا سيما إن كان فيها هتك ستر مسلم أو مسلمة. قال: فعويمر رضي الله عنه لم يكن وقع له مثل ذلك حينئذ ثم اتفق له وقوع ذلك بعد، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فجاءه عويمر وهو وسط الناس فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا إن تكلم جلدتموه، وإن قتله قتلتموه، أو سكت سكت على غيظ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«اللهم افتح، وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان، وعند ذلك قال صلى الله عليه وسلم لعويمر: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآنا فاذهب فائت بها» أي وذلك بعد أن ذكر له عويمر قصته.
وفي رواية «قد قضى فيك وفي امرأتك فتلاعنا» وفي «أن هلال بن أمية أحد المتخلفين عن تبوك قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك ابن سمحاء، أي وكانت حاملا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: البينة» زاد في رواية: «أو حدّ في ظهرك: فقال، يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا يتكلف يلتمس البينة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول وإلا فحدّ في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد، فنزل جبريل عليه الصلاة والسلام: أي بعد أن قال صلى الله عليه وسلم: اللهم افتح، أي بين لنا الحكم، فأنزل الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ [النّور: الآية ٦] فأرسل صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فجاءت وتلاعنا، وعند الخامسة تلكأت ونكصت حتى ظن أنها ترجع، أي لأنه صلى الله عليه وسلم قال لها: إنها أي اللعنة موجبة: أي للعذاب في الآخرة، وعذاب الدنيا