للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ذلك على الصحيح، خلافا لمن عده في الصحابة، ثم قال: يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد: أي وهم بنو عامر وبنو سليم، فدعوتهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أخشى أهل نجد عليهم، قال أبو براء: أنا لهم جار وهم في جواري وعهدي، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك، وخرج أبو براء إلى ناحية نجد وأخبرهم أنه قد أجار أصحاب محمد، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو رضي الله تعالى عنه في أربعين، وقيل في سبعين، وعليه اقتصر الحافظ الدمياطي: أي لأنه الذي في الصحيح البخاري، وقيل في ثلاثين رجلا من أصحابه من خيار المسلمين.

أي وذكر الحافظ ابن حجر أن هذا القيل وهم، وأنه يمكن الجمع بين كونهم سبعين وكونهم أربعين بأن الأربعين كانوا رؤساء وبقية العدة كانوا أتباعا، ويقال لهؤلاء القراء: أي لملازمتهم قراءة القرآن، فكانوا إذا أمسوا اجتمعوا في ناحية المدينة يصلون ويتدارسون القرآن، فيظن أهلوهم إنهم في المسجد، ويظن أهل المسجد أنهم في أهاليهم، حتى إذا كان وجه الصبح استعذبوا من الماء واحتطبوا وجاؤوا بذلك إلى حجر النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي كلام بعضهم إنهم كانوا يحتطبون بالنهار، ويتدارسون القرآن بالليل، وكانوا يبيعون الحطب ويشترون به طعاما لأصحاب الصفة.

وقد يقال: لا منافاة، لجواز أنهم كانوا يفعلون هذا مرة وهذا أخرى، أو بعضهم يفعل أحد الأمرين وبعضهم يفعل الآخر، وكان منهم عامر بن فهيرة رضي الله تعالى عنه.

وكتب صلى الله عليه وسلم لهم كتابا فساروا حتى نزلوا بئر معونة، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم، والحرة: أرض فيها حجارة سود، فلما نزلوها بعثوا حرام، بالحاء المهملة والراء، ابن ملحان وهو خال أنس بن مالك بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدوّ الله عامر بن الطفيل لعنه الله. أي وهو رأس بني سليم. وفي لفظ سيد بني عامر وابن أخي أبي براء عامر بن مالك كما تقدم، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه فقتله، أي بعد أن قال: يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، فآمنوا بالله ورسوله، فجاء إليه رجل من خلفه قطعنه بالرمح في جنبه حتى نفذ من جنبه الآخر، فقال: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، وقال: بالدم هكذا فنضحه على وجهه ورأسه، ثم استصرخ عليهم: أي استغاث بني عامر. فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه، وقالوا: إنا لن نخفر بأبي براء: أي لا نزيل خفارته وتنقض عهده، وقد عقد لهم عقدا وجوارا، فاستصرخ عليهم قبائل من سليم. قال الحافظ الدمياطي: عصية ورعلا وذكوان زاد بعضهم: وبني لحيان، قال بعضهم: وليس في محله.

<<  <  ج: ص:  >  >>