أشرف لهم على علية ودعاهم إلى الإسلام وأظهر لهم دينه رموه بالنبل من كل جانب فأصابه سهم فقتله.
وفي لفظ: أنه رضي الله تعالى عنه قدم الطائف عشاء، فجاءته ثقيف يسلمون عليه، فدعاهم إلى الإسلام ونصح لهم فعصوه وأسمعوه من الأذى ما لم يكن يغشاه منهم، فخرجوا من عنده حتى إذا كان السحر وطلع الفجر قام على غرفة في داره وتشهد، فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله، فقيل له قبل أن يموت: ما ترى في دمك؟ فقال: كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلى فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم، فدفنوه معهم، وقال في حقه صلى الله عليه وسلم:«إن مثله في قومه كمثل صاحب يس إنه قال لقومه:
اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ [يس: الآية ٢٠] الآيات فقتله قومه» أي المذكورة في سورة يس وهو حبيب بن بري.
وقال السهيلي: يحتمل أن المراد به صاحب إلياس، فإن إلياس يقال في اسمه يس أيضا. وقد قال صلى الله عليه وسلم مثل هذه المقالة في حق شخص آخر يقال له قرة بن حصين أو ابن الحارث، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هلال بن عامر يدعوهم إلى الإسلام فقتلوه، فقال صلى الله عليه وسلم:«مثله مثل صاحب يس» .
ثم إن ثقيفا أقامت بعد قتل عروة شهرا، ثم إنهم ائتمروا بينهم، ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد أسلموا. فأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، فكلموا عبد ياليل بن عمرو وكان في سن عروة بن مسعود رضي الله تعالى عنه في ذلك، فأبي أن يفعل، لأنه خشي أن يفعل به كما فعل بعروة. وقيل كلموا مسعود بن عبد ياليل ونسب قائله إلى الغلط، فقال: لست فاعلا حتى ترسلوا معي رجالا فبعثوا معه خمسة أنفار منهم شرحبيل بن غيلان أحد أشراف ثقيف، أسلم غيلان بالغين المعجمة على عشر نسوة، وممن أسلم على عشر نسوة أيضا عروة بن مسعود، وكذلك مسعود بن معتب، ومسعود بن عمير، وسفيان بن عبد الله، وأبو عقيل مسعود بن عامر، وكلهم من ثقيف.
ويقال: وفد عليه صلى الله عليه وسلم تسعة عشر رجلا هم أشراف ثقيف، فيهم كنانة بن عبد ياليل وهو رأسهم يومئذ، وفيهم عثمان بن أبي العاص وهو أصغرهم، فلما قربوا من المدينة لقوا المغيرة بن شعبة الثقفي، فذهب مسرعا ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم عليه، فلقيه أبو بكر رضي الله تعالى عنه فأخبره، فقال له أبو بكر رضي الله تعالى عنه: أقسمت عليك لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكون أنا أحدثه ففعل، فدخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقدومهم عليه، ثم خرج المغيرة أي وعلمهم رضي الله تعالى عنه كيف يحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبوا إلا تحية