الجاهلية وهي عم صباحا، ثم قدم بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب لهم قبة في ناحية المسجد: أي ليسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا، وكانوا يغدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم، ويخلفون عثمان بن أبي العاص عند أسبابهم، فكان عثمان إذا رجعوا ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الدين ويستقرئه القرآن، وإذا وجد النبي صلى الله عليه وسلم نائما ذهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وكان يكتم ذلك عن أصحابه، فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحبه وكان فيهم رجل مجذوم، فأرسل صلى الله عليه وسلم يقول له: إنا بايعناك فارجع. وفي المرفوع:«لا تديموا النظر إلى المجذومين» وجاء: «كلم المجذوم وبينك وبينه قيد رمح أو رمحين» وهذا معارض بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة» وبما جاء في أحاديث أخر: «أنه صلى الله عليه وسلم أكل مع المجذوم طعاما. وأخذ يده وجعلها معه في القصعة وقال: كل بسم الله، ثقة بالله، وتوكلا عليه» .
وأجيب بأن الأمر باجتناب المجذوم إرشادي، ومؤاكلته لبيان الجواز، أو جواز المخالطة محمولة على من قوي إيمانه وعدم جوازها على من ضعف إيمانه، ومن ثم باشر صلى الله عليه وسلم الصورتين ليقتدى به، فيأخذ القوي الإيمان بطريق التوكل، والضعيف الإيمان بطريق الحفظ والاحتياط.
وعند انصرافهم قالوا: يا رسول الله: أمر علينا رجلا يؤمنا، فأمر عليهم عثمان بن أبي العاص لما رأى من حرصه على الإسلام وقراءته للقرآن وتعلم الدين، ولقول الصديق رضي الله تعالى عنه له صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن.
وفي رواية أن عثمان بن أبي العاص قال: قلت: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم، وقال لي: إذا أممت فأخف بهم الصلاة، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا، فكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتب لهم كتابا، وكان الكاتب له خالد المذكور. ومن جملته:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المؤمنين، إن عضاه وجّ وصيده حرام، لا يعضده شجره، ومن وجد يفعل شيئا من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه. ووج: واد بالطائف، وقيل هو الطائف. والعضاه: كل شجر له شوك واحده عضة كشفه وشفاه.
وروى أبو داود والترمذي:«ألا إن صيد وجّ وعضاهه حرام محرم» وكانوا لا يطعمون طعاما يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأكل منه خالد حتى أسلموا.
وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك لهم الصلاة. فقال: لا خير في دين لا صلاة فيه.
وفي لفظ: لا ركوع فيه. وأن يترك لهم الزنا والربا وشرب الخمر فأبي ذلك. وسألوه أن يترك لهم الطاغية التي هي صنمهم وهي اللات، أي وكانوا يقولون لها الربة، لا