رمضان، وسيد الأيام يوم الجمعة، وسيد الكلام العربية، وسيد العربية القرآن، وسيد القرآن سورة البقرة» .
قالت حليمة: فرجعنا به صلى الله عليه وسلم إلى خبائنا: أي محل الإقامة وقال لي أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب، فألحقيه بأهله قبل أن يظهر به ذلك. وفي رواية: قال الناس يا حليمة رديه على جده واخرجي من أمانتك. وفي رواية وقال: زوجي أرى أن ترديه على أمه لتعالجه، والله إن أصابه ما أصابه إلا حسد من آل فلان لما يرون من عظيم بركته. قالت: فحملناه فقدمنا به مكة على أمه. قال الواقدي وكان ابن عباس يقول: رجع إلى أمه وهو ابن خمس سنين أي وزاد في الاستيعاب ويومين من مولده صلى الله عليه وسلم، وكان غيره أي غير ابن عباس يقول:
رجع إلى أمه وهو ابن أربع سنين. وذكر الأموي أنه رجع إلى أمه وهو ابن ست سنين انتهى.
أقول سياق ما قبله يدل على أن قدوم حليمة به على أمه كان عقب الواقعة المذكورة، وتقدم أن سنه حينئذ كان سنتين وأشهر، وسيأتي ما فيه والله أعلم.
وعن ابن عباس أن حليمة كانت تحدث أنه صلى الله عليه وسلم لما ترعرع كان يخرج فينظر إلى الصبيان يلعبون فيجتنبهم، فقال لي يوما: يا أماه ما لي لا أرى إخوتي بالنهار يعني إخوته من الرضاعة وهم أخوه عبد الله وأختاه أنيسة والشيماء بفتح المعجمة وسكون التحتية أولاد الحارث، قلت فدتك نفسي، إنهم يرعون غنما لنا فيروحون من ليل إلى ليل، قال ابعثيني معهم، فكان عليه الصلاة والسلام يخرج مسرورا ويعود مسرورا: أي وهذا لا يخالف قولها السابق كان مع أخيه في بهم لنا خلف بيوتنا، ولا قوله صلى الله عليه وسلم الآتي «فبينما أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا» ولا قوله «فبينما أنا ذات يوم منتبذا من أهلي في بطن واد مع أتراب لي من الفتيان» كما لا يخفى.
قالت حليمة: فلما كان يوما من ذلك خرجوا، فلما انتصف إليها أتاني أخوه، أي وفي رواية إذ أتى ابني ضمرة يعدو فزعا وجبينه يرشح باكيا ينادي يا أبت ويا أمه الحقا أخي محمدا فما تلحقانه إلا ميتا. قلت: وما قضيته، قال: بينا نحن قيام إذ أتاه رجل فاختطفه من وسطنا وعلا به ذروة الجبل ونحن ننظر إليه حتى شق صدره إلى عانته ولا أدري ما فعل به.
أقول: ولعل ضمرة هذا هو أخوه عبد الله المتقدم ذكره، لقب بذلك لخفة جسمه، ولا يخالف ذلك قوله صلى الله عليه وسلم الآتي إن أترابه الذين كانوا معه انطلقوا هربا مسرعين إلى الحي يؤذونهم ويستصرخونهم لأنه يجوز أن يكون ضمرة سبقهم، والله أعلم.