للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وباء مكة: أي مرضها ووخمها فلم نزل بها حتى ردّته صلى الله عليه وسلم معنا.

وقيل إن أمه صلى الله عليه وسلم آمنة قالت لحليمة: ارجعي بابني، فإني أخاف عليه وباء مكة، فو الله ليكونن له شأن أي ولا مخالفة بينهما لجواز أن حليمة لما قالت لها ما تقدم قالت لحليمة ارجعي بابني على الفور فإني أخاف عليه وباء مكة: أي كما تخافين عليه ذلك. قالت حليمة: فرجعنا به صلى الله عليه وسلم فو الله إنه بعد مقدمنا به صلى الله عليه وسلم بأشهر. عبارة ابن الأثير: بعد مقدمنا بشهرين أو ثلاثة مع أخيه يعني من الرضاعة، لفي بهم لنا، ولعل هذا لا ينافيه قول المحب الطبري: فلما شب وبلغ سنتين لأنه ألغي أي ذلك الكسر، فبينما هو صلى الله عليه وسلم وأخوه في بهم لنا خلف بيوتنا. والبهم: أولاد الضأن، إذ أتى أخوه يشتد. أي يعدو، فقال لي ولأبيه ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه، فشقا بطنه فهما يسوطانه: أي يدخلان يديهما في بطنه، قالت:

فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدناه قائما منتقعا وجهه. وفي لفظ لونه أي متغير أي صار لونه كلون النقع الذي هو الغبار وهو صفة ألوان الموتى، وذلك لما ناله من الفزع أي من رؤية الملائكة، لا من مشقة نشأت عن ذلك الشق، لما يأتي في بعض الروايات:

فلم أجد لذلك حسا ولا ألما، ومن ثم قال ابن الجوزي: فشقة وما شق عليه، وإطلاقه شامل لهذه المرة التي هي الأولى، وقد قال بعضهم: إنه لم ينتقع لونه إلا وهو صلى الله عليه وسلم صغير في بني سعد.

قالت: فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا له: ما لك يا بني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: جاءني رجلان عليها ثياب بيض أي وهما جبريل وميكائيل: أي وهما المراد بقوله في رواية: فأقبل إليّ طيران أبيضان كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال نعم، فأقبلا يبتدراني، فأخذاني فأضجعاني فشقا بطني فالتمسا فيه شيئا أي طلباه، فوجداه فأخذاه وطرحاه ولا أدري ما هو: أي وسيأتي أن هذا الذي قال صلى الله عليه وسلم فيه وما أدري ما هو أنه علقة سوداء استخرجاها من قلبه بعد شق بطنه، ففي هذه الرواية طي ذكر القلب وشقه، وسيأتي ذكر ذلك في بعض الروايات.

وفي رواية غريبة: نزل عليه كركيان، فشق أحدهما بمنقاره جوفه، ومجّ الآخر فيه بمنقاره ثلجا أو بردا. وقد يقال إن الطيرين تارة شبها بالنسرين وتارة شبها بالكركيين. وفي كون مجيء جبريل وميكائيل على صورة النسر لطيفة لأن النسر سيد الطيور. فقد جاء في الحديث «هبط عليّ جبريل فقال: يا محمد إن لكل شيء سيد، فسيد البشر آدم وأنت سيد ولد آدم وسيد الروم صهيب، وسيد فارس سلمان، وسيد الحبش بلال، وسيد الشجر السدر، وسيد الطير النسر» وفي بحر العلوم «وسيد الملائكة إسرافيل، وسيد الشهداء هابيل، وسيد الجبال جبل موسى، وسيد الأنعام الثور، وسيد الوحوش الفيل، وسيد السباع الأسد» زاد بعضهم «وسيد الشهور

<<  <  ج: ص:  >  >>