للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستفتي الحافظ ابن حجر عن بعض الوعاظ يذكر عند اجتماع الناس للمولد حادثات أي وقائع تتعلق به صلى الله عليه وسلم جاءت بها الأخبار هي مخلة بالتعظيم حتى يظهر من السامعين لها حزن، فيبقى صلى الله عليه وسلم في حيز من يرحم لا في حيز من يعظم.

من ذلك أنهم يقولون إن المراضع حضرن ولم يأخذنه لعدم ماله ونحو ذلك، فما قولكم في ذلك؟

فأجاب بما نصه: ينبغي لمن يكون فطنا أن يحذف من الخبر: أي الحديث ما يوهم في المخبر عنه نقصا ولا يضره ذلك، بل يجب كما وقع لإمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه حيث قال في بعض نصوصه «وقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة لها شرف فكلم فيه، فقال: لو سرقت فلانة لامرأة شريفة لقطعتها، يعني فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم» فلم يصرح باسمها تأدبا معها أن تذكر في هذا المعرض. وإن كان صلى الله عليه وسلم ذكرها- لأن ذلك منه صلى الله عليه وسلم حسن دلّ على أن الخلق عنده صلى الله عليه وسلم في الشرع سواء، فهذا من كمال أدب الإمام رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ونفعنا ببركاته: أي فإذا جاز حذف بعض الحديث الموهم نقصا في بعض أهل بيته، فما بالك بما يوهم النقص فيه صلى الله عليه وسلم، وهذا من الحافظ يدل على أن إباء المراضع له صلى الله عليه وسلم وارد حيث أقره ولم ينكره، والله أعلم.

قال: وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «كان أول كلام تكلم به صلى الله عليه وسلم حين فطمته حليمة رضي الله تعالى عنها، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا» أي وقد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم تكلم بهذا عند خروجه من بطن أمه. وفي رواية «أوّل كلام تكلم صلى الله عليه وسلم به في بعض الليالي: أي وهو عند حليمة: لا إله إلا الله قدوسا قدوسا نامت العيون والرحمن لا تأخذه سنة ولا نوم» وكان صلى الله عليه وسلم لا يمس شيئا إلا قال بسم الله.

وعن حليمة رضي الله عنها «لما دخلت به صلى الله عليه وسلم إلى منزلي لم يبق منزل من منازل بني سعد إلا شممنا منه ريح المسك، وألقيت محبته صلى الله عليه وسلم: أي واعتقاد بركته في قلوب الناس، حتى إنّ أحدهم كان إذا نزل به أذى في جسده أخذ كفه صلى الله عليه وسلم فيضعها على موضع الأذى فيبرأ بإذن الله تعالى سريعا. وكذلك إذا اعتل لهم بعير أو شاة انتهى.

قالت حليمة: فقدمنا مكة على أمه صلى الله عليه وسلم: أي بعد أن بلغ سنتين ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما نرى من بركته صلى الله عليه وسلم، فكلمنا أمه وقلت لها: لو تركتي بنيّ عندي حتى يغلظ.

وفي كلام ابن الأثير: قلنا لها دعينا نرجع به هذه السنة الأخرى فإني أخشى

<<  <  ج: ص:  >  >>