للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراءك يا أربد؟ فقال: لا شيء، والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أني عنده الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله، فخرج بعد مقالته هذه بيوم أو يومين معه جمله يتبعه فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة أحرقتهما. أي وذلك في يوم صحو قائظ، وأنزل الله تعالى قوله: وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ [الرّعد: الآية ١٣] وأما جبار بن سلمى الذي هو ثالثهم فقد أسلم مع من أسلم من بني عامر.

ومنها وفود ضمام بن ثعلبة، أي وقيل وفد في سنة خمس، بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه متكئا جاءه رجل من أهل البادية قال فيه طلحة بن عبيد الله: جاءنا أعرابي من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دويّ صوته ولا نفقه ما يقول، الحديث: أي جاء على جمل وأناخه في المسجد ثم عقله وقال: أيكم ابن عبد المطلب، أي وفي رواية: أيكم محمد؟ قالوا هذا الأمغر المرتفق: أي الأبيض المشرب بحمرة المتكىء على مرفقه، فدنا منه صلى الله عليه وسلم فقال: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة قال: سل عما بدا لك. أي وفي رواية: لمغلظ عليك في المسألة فلا تجد عليّ في نفسك ما لا أجد في نفسي، فقال: سل ما بدا لك، فقال: يا محمد جاءنا رسولك فذكر لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: صدق، فقال: أنشدك بفتح الهمزة برب من قبلك ورب من بعدك. وفي رواية: بالذي خلق السموات والأرض، ونصب هذه الجبال، قال:

اللهم نعم. قال: وفي رواية أنه قال له قبل ذلك: آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده لا نشرك به شيئا، وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون؟ قال: اللهم نعم انتهى. قال: أنشدك بالله آلله أمرك أن نصلي خمس صلوات في كل يوم وليلة؟ قال اللهم نعم. قال: وأنشدك بالله آلله أمرك أن تأخذ من أموال أغنيائنا فترده على فقرائنا؟

قال: اللهم نعم، قال وأنشدك بالله آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من اثني عشر شهرا؟ قال: اللهم نعم، قال: وأنشدك بالله آلله أمرك أن يحج هذا البيت من استطاع إليه سبيلا، قال: اللهم نعم، قال: فأنا قد آمنت وصدقت وأنا ضمام بن ثعلبة.

أقول: وهذا السياق يدل على أن وفوده كان بعد فرض الحج، وهو يخالف ما سبق أنه كان في سنة خمس ومن ثم استبعده ابن القيم. قال: والظاهر أن هذه اللفظة مدرجة من كلام بعض الرواة.

وفيه أن الذي جزم به إسحاق وأبو عبيدة أنه وفد في سنة تسع وصوبه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، ومن ثم جاء ذكر الحج في مسلم، ويؤيد ذلك قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم علينا الحديث، لأن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إنما قدم المدينة بعد الفتح، فلما أن ولي ضمام رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقه الرجل:

أي بضم القاف صار فقيها، وبكسرها فهم. وفي لفظ: لئن صدق ليدخلنّ الجنة،

<<  <  ج: ص:  >  >>