وفي رواية:«أنهم لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: من القوم؟ قالوا:
من ربيعة» أي وهو المراد بما في بعض الروايات ربيعة، فإنه من التعبير عن البعض بالكل.
وفي البخاري في الصلاة:«إن هذا الحي من ربيعة» أي إن هذا الحي من ربيعة وهو في الأصل اسم لمنزل القبيلة، سميت به القبيلة لأن بعضهم يحيا ببعض، قال:
«خير ربيعة عبد القيس، مرحبا بالقوم» أي صادفتم رحبا بضم الراء: أي سعة. وأول من قال مرحبا سيف بن ذي يزن، وقد تكررت هذه الكلمة منه صلى الله عليه وسلم، قالها لابنة عمه أم هانىء رضي الله تعالى عنها. وقال لعكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنه:
«مرحبا بالراكب الهاجر» وقال لا بنته فاطمة رضي الله تعالى عنها: «مرحبا بابنتي» وقال لشخص دخل عليه: «مرحبا، وعليك السلام» .
ثم قال لهم صلى الله عليه وسلم:«غير خزايا، ولا ندامى» أي حالة كونكم سالمين من الخزي ومن الندم، وفي لفظ:«مرحبا بالوفد الذين جاؤوا غير خزايا ولا ندامى، أنا حجيج من ظلم عبد القيس، فقالوا: يا رسول الله إنا نأتيك من شقة بعيدة» أي من سفر بعيد، لأن مساكنهم بالبحرين وما والاها من أطراف العراق. «وإنه يحول بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، وإنا لا نصل إليك إلا في شهر حرام» أي وفي لفظ: «إلا في هذا الشهر الحرام»«وهو كمسجد الجامع ونساء مؤمنات» وهو شهر رجب للتصريح به في بعض الروايات.
وقال بعضهم: وفي هذا دليل على أن الأعمال الصالحة تدخل الجنة إذا قبلت، وقبولها يقع برحمة الله، لأن مضر كانت تبالغ في تعظيم شهر رجب زيادة على بقية الأشهر الحرم ومن ثم قيل رجب مضر:«فأمرنا بأمر فصل» أي فاصل بين الحق والباطل «فقال: آمركم بأربع» أي بخصال أربع أو جمل أربع.
ففي بعض الروايات:«قالوا: حدثنا بجمل من الأمر، وأنهاكم عن أربع: آمركم بالإيمان بالله، أتدرون ما الإيمان بالله، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله» أي وفيه أن القوم كانوا مؤمنين مقرين بكلمة الشهادة.
ووقع في البخاري في الزكاة زيادة واو قبل شهادة وهي زيادة شاذة لم يتابع عليها راويها:«وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس» أي لأنهم كانوا بصدد محاربة كفار مضر، وهذا زائد على الأربع، ومن ثم قال بعضهم هو معطوف على قوله بأربع: أي آمركم بأربع وبأن تعطوا، ومن ثم غاير في الأسلوب.
وفي مسلم: «آمركم بأربع: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأقيموا الصلاة،