للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها وفد بني مرة. وفد عليه صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر رجلا من بني مرة، رأسهم الحارث بن عوف، فقال: يا رسول الله إنا قومك وعشيرتك، نحن قوم من بني لؤي بن غالب، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للحارث: أين تركت أهلك؟ فقال: بسلاح وما والاها، فقال: كيف البلاد؟ فقال: والله إنا لمسنتون، وما في المال مح: أي صوت يردده فادع الله لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اسقهم الغيث فأقاموا أياما، ثم أرادوا الانصراف إلى بلادهم، فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مودعين له فأمر بلالا أن يجيزهم، فأجازهم بعشرة أواق من فضة، وفضل الحارث بن عوف فأعطاه اثني عشر أوقية، أي وهذا يفيد أن كل واحد أعطي عشر أواق، ورجعوا إلى بلادهم فوجدوا البلاد مطيرة، فسألوا قومهم متى مطرتم؟ فإذا هو ذلك اليوم الذي دعا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخصبت لهم بعد ذلك بلادهم.

ومنها وفد خولان، وهي قبيلة من اليمن. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من خولان، فقالوا: يا رسول الله نحن على من وراءنا من قومنا، ونحن مؤمنون بالله عز وجل، مصدقون برسوله، وقد ضربنا إليك آباط الإبل وركبنا حزون الأرض وسهولها. وحزون كفلوس: وهو ما غلظ منها، والمنة لله ولرسوله علينا، وقدمنا زائرين لك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ما ذكرتم من مسيركم إليّ، فإن لكم بكل خطوةخطاها بعير أحدكم حسنة، وأما قولكم زائرين لك، فإنه من زارني بالمدينة كان في جواري يوم القيامة. فقالوا: يا رسول الله، هذا السفر الذي لا توى عليه:

أي والتوى بفتح المثناة فوق وفتح الواو مقصورا: هو هلاك المال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل عم أنس؟ وهو صنم خولان الذي كانوا يعبدونه، قالوا: بشرّ بدلنا الله تعالى ما جئت به، وقد بقيت منا بعد بقايا شيخ كبير وعجوز كبيرة متمسكون به، ولو قدمنا عليه هدمناه إن شاء الله تعالى فقد كنا منه في غرور وفتنة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أعظم ما رأيتم من فتنة؟ قالوا: لقد رأيتنا بضم المثناة فوق، أسنتنا حتى أكلنا الرمة، فجمعنا ما قدرنا عليه وابتعنا مائة ثور ونحرناها لعم أنس قربانا في غداة واحدة، وتركناها يردها السباع ونحن أحوج إليها من السباع، فجاءنا الغيث من ساعتنا، ولقد رأينا الغيث يواري الرحال ويقول قائلنا أنعم علينا عم أنس، وذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يقسمون لهذا الصنم من أموالهم من إنعامهم وحرثهم، فقالوا: كنا نزرع الزرع، فنجعل له وسطه، فنسميه له ونسمي زرعا آخر حجرة: أي ناحية لله، فإذا مالت الريح بالذي سميناه له: أي لله جعلناه لعم أنس، وإذا مالت الريح بالذي سميناه لعم أنس لم نجعله لله، فذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أنزل عليّ في ذلك وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً [الأنعام:

الآية ١٣٦] الآية، قالوا: وكنا نتحاكم إليه فيتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الشياطين

<<  <  ج: ص:  >  >>