للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلمكم، وسألوه صلى الله عليه وسلم عن فرائض الله فأخبرهم بها صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وحسن الجوار لمن جاوروا، وأن لا يظلموا أحدا، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، ثم ودعوه صلى الله عليه وسلم بعد أيام وأجازهم: أي أعطى كل واحد اثنتي عشرة أوقية ونشا، ورجعوا إلى قومهم فلم يحلوا عقدة حتى هدموا عم أنس.

ومنها وفد بني محارب. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من بني محارب وفيهم خزيمة بن سواد، وكانوا أغلظ العرب وأشدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام عرضه نفسه على القبائل في المواسم يدعوهم إلى الله تعالى، فجلسوا عنده يوما من الظهر إلى العصر، وأدام صلى الله عليه وسلم النظر إلى رجل منهم، وقال له: قد رأيتك، فقال له ذلك الرجل:

إي والله لقد رأيتني، وكلمتك بأقبح الكلام، ورددتك بأقبح الرد بعكاظ وأنت تطوف على الناس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، ثم قال: يا رسول الله ما كان في أصصحابي أشد عليك يومئذ ولا أبعد عن الإسلام مني، فأحمد الله الذي جاء بي حتى صدقت بك، ولقد مات أولئك النفر الذين كانوا معي على دينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه القلوب بيد الله عز وجل. فقال: يا رسول الله استغفر لي من مراجعتي إياك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الإسلام يجب ما قبله: يعني الكفر، أي مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه خزيمة بن سواد فصارت له غرة بيضاء، وأجازهم كما يجيز الوفود، ثم انصرفوا إلى أهليهم.

ومنها وفد صداء: حيّ من عرب اليمن. وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر رجلا من صداء.

وسبب ذلك أنه صلى الله عليه وسلم هيأ بعثا أربعمائة من المسلمين استعمل عليهم قيس بن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنهم، ودفع له لواء أبيض، ودفع إليه راية سوداء، وأمره أن يطأ ناحية من اليمن كان فيها صداء، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل منهم، وعلم بالجيش، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله جئتك وافدا على من ورائي، فاردد الجيش، وأنا لك بقومي، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن سعد رضي الله تعالى عنهما وخرج الصدائي إلى قومه، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأولئك القوم، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله دعهم ينزلون عليّ، فنزلوا عليه فحباهم بالموحدة:

أعطاهم وأكرمهم وكساهم، ثم ذهب بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فبايعوه على الإسلام، وقالوا له: نحن لك على من وراءنا من قومنا فرجعوا إلى قومهم ففشا فيهم الإسلام، فوافى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائة رجل في حجة الوداع، وسمي ذلك الرجل الذي كان سببا في رد الجيش ومجيء الوفد بزياد بن الحارث الصدائي، أي وذكر زياد أنه صلى الله عليه وسلم قال له: يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك، قال: فقلت بلى من منّ الله عز وجل ومنّ رسوله. قال وفي رواية: بل الله هداهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا

<<  <  ج: ص:  >  >>