للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله عليك ما كتب عليهن، أهلي بالحج» وفي رواية: «ارفضي عمرتك» ، أي لا تشرعي في شيء من أعمالها، «وأحرمي بالحج فإنك تقضين كل ما يقضي الحاج» أي تفعلين كل ما يفعل الحاج وأنت حائض «إلا أنك لا تطوفين بالبيت، ففعلت ذلك؟

أي أدخلت الحج على العمرة، ووقفت المواقف» فوقفت بعرفة وهي حائض حتى إذا طهرت: أي وذلك يوم النحر، وقيل عشية عرفة طافت بالبيت وبالصفا والمروة «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد حللت من حجك وعمرتك جميعا» .

وذكر بعضهم أن في هذه الحجة كان جمل عائشة رضي الله عنها سريع المشي مع خفة حمل عائشة، وكان جمل صفية بطيء المشي مع ثقل حملها، فصار يتأخر الركب بسبب ذلك فأمر صلى الله عليه وسلم أن يجعل حمل صفية على جمل عائشة، وأن يجعل حمل عائشة على جمل صفية، فجاء صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها يستعطف خاطرها، فقال لها: يا أم عبد الله، حملك خفيف وجملك سريع المشي، وحمل صفية ثقيل وجملها بطيء، فأبطأ ذلك بالركب، فنقلنا حملك على جملها، وحملها على جملك ليسير الركب، فقالت له: إنك تزعم أنك رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أفي شك أني رسول الله أنت يا أم عبد الله؟ قالت فما لك لا تعدل؟ قالت: فكان أبو بكر رضي الله عنه فيه حدة، فلطمني على وجهي، فلامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أما سمعت ما قالت؟

فقال: دعها فإن المرأة الغيراء لا تعرف أعلى الوادي من أسفله.

قالوا: ولما نزلوا بمحل يقال له العرج فقد البعير الذي عليه زاملته صلى الله عليه وسلم وزامله أبي بكر، أي زادهما، وكان ذلك البعير مع غلام لأبي بكر. فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه للغلام: أين بعيرك؟ قال: ضللته البارحة. فقال أبو بكر وقد اعترته حدة:

بعير واحد تضله، وأخذ يضربه بالسوط ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ويتبسم لا يزيد على ذلك، فلما بلغ بعض الصحابة أن زاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضلت جاء بحيس ووضعه بين يديه صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله تعالى عنه وهو يغتاط على الغلام: هون عليك يا أبا بكر، فإن الأمر ليس لك ولا إلينا.

وقد كان الغلام حريصا على أن لا يضل بعيره، وهذا غذاء طيب قد جاء الله به، وهو خلف عما كان معه، فأكل صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ومن كان يأكل معهما حتى شبعوا، فأقبل صفوان بن المعطل رضي الله تعالى عنه وكان على ساقة القوم، أي لأن هذا كان شأنه كما تقدم في قصة الإفك والبعير معه وعليه الزاملة حتى أناخه على باب منزله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: انظر هل تفقد شيئا من متاعك؟ فقال: ما فقدت شيئا إلا قعبا كنا نشرب فيه، فقال الغلام: هذا القعب معي. ولما بلغ سعد بن عبادة وابنه قيسا رضي الله تعالى عنهما زاملته صلى الله عليه وسلم قد ضلت جاآ بزاملة وقالا: أي كل واحد منهما: يا رسول الله بلغنا أن زاملتك ضلت الغداة، وهذه زاملة مكانها، فقال رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>