للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عينه بعد إحرامه أي وهو ما تقدم عن إمامنا الشافعي رضي الله عنه. ومن قال أفرد الحج، أراد به أنه أتى بأعمال الحج ولم يفرد للعمرة أعمالا، وهذا محمل ما في بعض الروايات، وأفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج ولم يعتمر. على أن بعض الحفاظ قال:

إنه حديث غريب جدا، وفيه نكارة شديدة.

ثم لبى صلى الله عليه وسلم أي بعد أن استقبل القبلة فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

وروي أنه زاد على ذلك لبيك إله الخلق لبيك: أي وروي أنه زاد: لبيك حقا، تعبدا ورقا على تلبيته المذكورة والناس معه يزيدون فيها وينقصون لم ينكر عليهم، وبه استدل أئمتنا على عدم كراهة الزيادة على تلبيته المشهورة المتقدمة فكان ابن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها: لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل.

وأتاه صلى الله عليه وسلم جبريل عليه الصلاة والسلام، وأمره أن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية من شعائر الحج، فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال: مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج» .

واستعمل صلى الله عليه وسلم على المدينة أبا دجانة رضي الله عنه، وقيل سباع بن عرفطة رضي الله عنه وولدت أسماء بنت عميس زوج أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ولدها محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم في ذي الحليفة، وأرسلت إليه صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل وتستثفر، أي بخرقة عريضة بعد أن تحشو بنحو قطن، وتربط طرفي تلك الخرقة في شيء تشده في وسطها لتمنع بذلك سيلان الدم كما تفعل الحائض وتحرم.

ثم حاضت سيدتنا عائشة رضي الله عنها في أثناء الطريق بمحل يقال له سرف بكسر الراء، وكانت قد أحرمت بعمرة، ففي البخاري: «أنها قالت: وكنت فيمن أهلّ بعمرة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتدخل الحج على العمرة» .

أقول: وقد جاء: «أنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما يبكيك يا عائشة؟» وفي لفظ «ما يبكيك يا هنتاه؟ لعلك نفست: أي حضت، قلت:

نعم: والله لوددت أني لم أخرج معكم عامي هذا في هذا السفر، قال: لا تقولين ذلك، فهذا شيء كتبه الله على بنات آدم» .

أي واستدل البخاري رحمه الله بهذا على أن الحيض كان في جميع بنات آدم، وأنكر به على من قال إن الحيض أول ما وقع في بني إسرائيل، وفي لفظ: «قال: ما شأنك؟ قلت: لا أصلي، قال: لا ضير عليك، إنما أنت امرأة من بنات آدم، كتب

<<  <  ج: ص:  >  >>