عمر ذلك، فقال أنس رضي الله عنه: ما يعدونا إلا صبيانا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لبيك لبيك عمرة وحجا» أي يصرح بهما جميعا وقال: «إني لرديف لأبي طلحة وإن ركبتي لتمس ركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبي بالحج والعمرة، وذلك مثبت لما قاله ابن عمر وزائد عليه فليس مناقضا له. أي ودليل من قال إنه أحرم مطلقا ما رواه إمامنا الشافعي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم: «خرج هو وأصحابه رضي الله عنهم مهلّين: أي محرمين إحراما مطلقا ينتظرون القضاء» أي نزول الوحي لتعيين ما يصرفون إحرامهم المطلق إليه أي بإفراد أو تمتع أو قران» أي فجاءه صلى الله عليه وسلم الوحي أن يأمر من لا هدي معه أن يجعل إحرامه عمرة فيكون متمتعا، ومن معه هدي أن يجعله حجا فيكون مفردا، لأن من معه هدي أفضل ممن لا هدي معه، والحج أفضل من العمرة.
ويدل لكون الصحابة أطلقوا إحرامهم ما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها:«خرجنا نلبي لا نذكر حجا ولا عمرة» لكن أجيب عن ذلك بأنهم لا يذكرون ذلك مع التلبية وإن كانوا سموه حال الإحرام.
هذا وفي مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:«خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أراد منكم أن يهلّ بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليفعل» فلينظر الجمع بين هذا وما قبله.
وجاء أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم:«من لم يكن معه هدي وأحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه هدي فلا» أي فلا يجعلها عمرة بل يجعل إحرامه حجا، ولم يذكر القران. وجاء في بعض الطرق:«أنه أمر من كان معه هدي أن يحرم بالحج والعمرة معا» .
وفي بعض الروايات:«خرج صلى الله عليه وسلم من المدينة لا يسمي حجا ولا عمرة ينتظر القضاء، فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة، فأمر أصحابه من كان منهم أهلّ بالحج ولم يكن معه هدي أن يجعله عمرة» .
وفي الهدى: الصواب أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج والعمرة معا من حين أنشأ الإحرام، فهو قارن، ولم يحل حتى حل منهما جميعا وطاف لهما طوافا واحدا وسعيا واحدا كما دلت عليه النصوص المستفيضة التي تواترات تواترا يعلمه أهل الحديث. وما ورد أنه صلى الله عليه وسلم طاف طوافين وسعى سعيين لم يصح.
قال: وغلط من قال لبى بالحج وحده ثم أدخل عليه العمرة: أي الذي تقدم في الجمع بين الروايات عن النووي رحمه الله تعالى. ومن قال لبى بالعمرة ثم أدخل عليها الحج: أي وهذا لم يتقدم. ومن قال أحرم إحراما مطلقا لم يعين فيه نسكا ثم