ثم قال ابن كثير رحمه الله تعالى: إنه حديث منكر ضعيف الإسناد، وإنما كان صلى الله عليه وسلم راكبا وبعض أصحابه مشاة: ولم يعتمر صلى الله عليه وسلم في عمره ماشيا، وأحواله صلى الله عليه وسلم أشهر من أن تخفى على الناس، بل هذا الحديث منكر شاذ لا يثبت مثله وكان على راحلته صلى الله عليه وسلم رحل رث يساوي أربعة دراهم وفي رواية:«حج صلى الله عليه وسلم على رحل وقطيفة تساوي أو لا تساوي أربعة دراهم، وقال: اللهم اجعله حجا مبرورا لا رياء فيه ولا سمعة وذلك عند مسجد ذي الحليفة، وأحرم بالحج والعمرة معا فكان قارنا.
قال: وقيل أحرم بالحج فقط فكان مفردا، وقيل بالعمرة فقط، أي ثم أحرم بالحج بعد فراغه من أعمال العمرة فكان متمتعا، أخذا من قول بعض الصحابة إنه صلى الله عليه وسلم أحرم متمتعا، وقيل أطلق إحرامه.
وفي كلام السهيلي رحمه الله: واختلفت الروايات في إحرامه صلى الله عليه وسلم، هل كان مفردا، أو قارنا، أو متمتعا وكلها صحاح إلا من قال كان متمتعا وأراد أنه أهل بعمرة.
قال الإمام النووي: وطريق الجمع أي بين من يقول إنه أحرم قارنا، ومن يقول إنه أحرم مفردا، ومن يقول إنه أحرم متمتعا أنه أحرم أولا مفردا: أي بالحج ثم أدخل العمرة، أي وذلك: أي دخول الأضعف وهي العمرة على الأقوى الذي هو الحج من خصائصه صلى الله عليه وسلم فصار قارنا، ويدل لذلك حديث البخاري «أنه صلى الله عليه وسلم أهلّ بالحج، فلما كان بالعقيق أتاه آت من ربه فقال له: صل بهذا الوادي المبارك، وقل لبيك بحجة وعمرة معا فصار قارنا بعد أن كان مفردا.
فمن روى القرآن اعتمد آخر الأمر، أي ومنه سيدنا أنس رضي الله عنه:
«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا» .
ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي، وهو الانتفاع والارتفاق بالقرآن انتهى:
أي بالقرآن المذكور الذي هو إدخال العمرة على الحج، لأنه يكفي فيه الاقتصار على عمل واحد في النسكين، أي فلا يأتي بطوافين ولا بسعيين، أي وليس مراده التمتع الحقيقي، بأن أحرم بعمرة فقط، ثم بعد فراغه من أعمالها أحرم بالحج كما هو حقيقة التمتع. ومن ثم قال بعضهم: أكثر السلف يطلقون المتعة على القرآن.
ومن روى الإفراد اعتمد أول الأمر، ومنه قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد سئل عن ذلك «لبى بالحج وحده» أو أن ابن عمر سمعه يقول: لبيك بحج ولم يسمع قوله وعمرة فلم يحك إلا ما سمع، وأنس رضي الله عنه سمع ذلك: أي سمع الحج والعمرة، أي فإن ابن عمر رضي الله عنه قيل له عن أنس بن مالك «أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة فقال ابن عمر لبى بالحج وحده، فقيل لأنس عن ابن