اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة، أي وإلا فالذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة وستين بدنة، والذي قدم به من اليمن لعلي كان سبعة وثلاثين بدنة، ولا يخالف ذلك إشراكه له في الهدي لأنه يجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لاحتمال تلف ذلك الهدي وعدم مجيئه، والذي في البخاري لما قدم علي كرم الله وجهه من اليمن قال له النبي صلى الله عليه وسلم:
بم أهللت يا علي؟ قال: بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فأهدوا مكث حراما كما أنت، أي فإنه تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان أرسل خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه إلى اليمن لهمدان يدعوهم إلى الإسلام. قال البراء رضي الله تعالى عنه: فكنت ممن خرج مع خالد، فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوا، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فأمره أن يقفل خالد بن الوليد ويكون مكانه، وقال:
مر أصحاب خالد، من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب، ومن شاء فليقفل، فكنت ممن أعقب مع علي كرم الله وجهه، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، وصلى بنا علي كرم الله وجهه، ثم صفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا، وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، فأسلمت همدان جميعا، فكتب علي رضي الله تعالى عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدا، ثم رفع رأسه فقال: السلام على همدان السلام على همدان.
وكان من جملة من لم يسق الهدي أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه:
«فإنه لما قدم من اليمن قال له: بم أهللت؟ قال: أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال له:
هل معك من هدي؟ قال: قلت لا، فأمرني فطفت بالبيت والصفا والمروة» ورواية الشيخين عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه: «أنه صلى الله عليه وسلم قال: لم بم أهللت؟ فقلت:
لبيت بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقد أحسنت، طف بالبيت وبالصفا والمروة وأحل» أي بعد الحلق أو التقصير.
وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان مهلا بالحج فقط أو مع العمرة، إلا أن يقال جوز لأبي موسى الفسخ من الحج إلى العمرة كما فعل ذلك مع غيره من الصحابة الذين أحرموا بالحج ولا هدي معهم. ومن جملة من لم يسق الهدي أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن فأحللن، أي لأنهن أحرمن إحراما مطلقا ثم صرفنه للعمرة، أو أحرمن متمتعات أي بالعمرة، إلا عائشة رضي الله تعالى عنها فإنها لم تحل أي لأنها أدخلت الحج على العمرة كما تقدم.
وممن أحلت سيدتنا فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، أي لأنها لم يكن معها هدي وأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما، وشكا عليّ كرم الله وجهه فاطمة رضي الله تعالى عنها للنبي صلى الله عليه وسلم إذ أحلت، أي فإنه وجدها لبست صبيغا واكتحلت، فأنكر عليها، فقالت رضي الله تعالى عنها: أمرني أبي بذلك،