لأمته يوم عرفة، فأجيب بأنه يغفر لها ما عدا المظالم، ثم دعا بذلك أي بالمغفرة لأمته بمزدلفة، فأجيب إلى ذلك: أي إلى غفران المظالم، فجعل إبليس لعنه الله يحثو التراب على رأسه، فضحك صلى الله عليه وسلم من فعله» وجاء ما بين أن المراد بالأمة من وقف بعرفة.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم دفع: أي من المشعر الحرام قبل أن تطلع الشمس: أي قال جابر رضي الله تعالى عنه: وكان المشركون لا ينفرون حتى تطلع الشمس، وأردف خلفه الفضل بن العباس، وجاءته امرأة تسأله، فقالت له: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟
قال: نعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر. وفي لفظ آخر:«فوضع صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحوّل الفضل وجهه إلى الشق الآخر» وفي لفظ آخر: «أنه صلى الله عليه وسلم لوى عنق الفضل، فقال له أبوه العباس رضي الله عنهما: يا رسول الله لويت عنق ابن عمك؟ قال: رأيت شابا وشابة فلم آمن عليهما الشيطان، فلما وصل صلى الله عليه وسلم إلى محسر حرّك ناقته قليلا وسلك الطريق التي تسلك على جمرة العقبة، فرمى بها أسفلها سبع حصيات، التقطها له عبد الله بن عباس رضي الله عنهما من موقفه الذي رمى فيه مثل حصى الخذف» بفتح الخاء المعجمة وإسكان الذال المعجمة، وهذا لا يخالف ما عليه أئمتنا من أن الأولى أن يلتقط حصى الرمى من مزدلفة.
ويكره أخذه من المرمى لجواز أن يكون التقط له ذلك من مزدلفة ثم سقط منه عند جمرة العقبة، فأمر ابن عباس بالتقاطه.
لكن الذي في مسلم:«أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل محسرا: أي الوادي المعروف، وهو أول منى قال: عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة، وهو يدل على أن أخذ الحصى من ذلك أولى، إلا أن يقال يجوز أن يكون قال ذلك لجماعة تركوا أخذ ذلك من مزدلفة، وأمر صلى الله عليه وسلم بمثلها ونهى عن أكبر منها، وقطع صلى الله عليه وسلم التلبية عند الرمي، وصار يكبر عند رمي كل حصاة وهو راكب ناقته» . وفي رواية «على بغلة» . قال بعضهم: وهو غريب جدا: «وبلال وأسامة أحدهما آخذ بخطامها والآخر يظله بثوبه، لا ضرب، ولا طرد، ولا إليك إليك» .
وفي رواية:«فرأيت بلالا رضي الله عنه يقود براحلته، وأسامة بن زيد رضي الله عنه رافعا عليه ثوبه من الحر حتى رمى جمرة العقبة» وخطب صلى الله عليه وسلم على بغلته الشهباء، وقيل على بعير بمنى خطبة قرر فيها تحريم الزنا والأموال والأعراض، وذكر حرمة يوم النحر، وحرمة مكة على جميع البلاد، فقال: «يا أيها الناس أيّ يوم هذا؟ قالوا:
يوم حرام، قال: فأي بلد هذا، قالوا: بلد حرام، قال: فأي شهر هذا؟ قالوا شهر