زمزم بالدلو، قيل وهو قائم، وقيل وهو على بعير، والذي نزع له الدلو عمه العباس بن عبد المطلب» أي وفعل ذلك عند فتح مكة أيضا كما تقدم، وقيل لما شرب صلى الله عليه وسلم صب منه على رأسه الشريف. وعن ابن جريج:«أنه صلى الله عليه وسلم نزع الدلو لنفسه» .
وقيل إن هذا يخالف ما تقدم من قوله:«لولا أن الناس يتخذونه نسكا لنزعت» ومن قوله يوم فتح مكة: «لولا أن تغلب بنو عبد المطلب لنزعت منها، ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى فصلى بها الظهر» كما اتفق عليه الشيخان، وقيل صلاة بمكة وبه انفرد مسلم ورحج بأمور.
وجمع بينهما بأنه يجوز أن يكون صلى الظهر بمكة أول الوقت ثم رجع إلى منى فصلاها مرة أخرى بأصحابه، أي الذين تخلفوا عنه بمنى، فإنه صلى الله عليه وسلم وجدهم ينتظرونه، فهي له صلى الله عليه وسلم معادة. قال بعضهم: وهذا مشكل على من لم يجوّز الإعادة.
وعورض هذا بأنه صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم رمى جمرة العقبة ونحر ثلاثا وستين بدنة، ونحر علي كرّم الله وجهه بقية المائة، وأخذ من كل بدنة بضعة، ووضعت في قدر وطبخت حتى نضجت، فأكل من ذلك اللحم وشرب من مرقه، وحلق رأسه، ولبس وتطيب وخطب فكيف يمكن أن يكون صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة أول الوقت، ويعود إلى منى في وقت الظهر.
على أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:«أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى» رواه أبو داود.
وأجيب بأن النهار كان طويلا فلا يضر صدور أفعال منه صلى الله عليه وسلم كثيرة في صدر ذلك اليوم.
على أن ابن كثير رحمه الله، قال: لست أدري أن خطبته صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم أكانت قبل ذهابه أو بعد رجوعه إلى منى؟.
وأما رواية عائشة رضي الله تعالى عنها المقتضية لكونه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمنى قبل أن يذهب إلى البيت. فأجاب بعضهم عنها بأنها ليست نصا في ذلك بل تحتمل فليتأمل.
فإن قيل: روى البخاري وأهل السنن الأربعة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرّ الزيارة الى الليل» وفي لفظ: «زار ليلا» قلنا المراد بالزيارة زيارة مجيئه، لا طواف الزيارة الذي هو طواف الإفاضة.
فقد روى البيهقي:«أنه صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت كل ليلة من ليالي منى» وهو قول عروة بن الزبير إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر الطواف يوم النحر إلى الليل، فقد أخذه من