كما أن القران قد يطلق على الإتيان بطوافين وسعيين. فمن روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه أفرد الحج أراد به أنه أتى بأعمال الحج ولم يفرد للعمرة أعمالا.
ولم أقف على أنه صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة في هذه الحجة التي هي حجة الوداع.
ولما طاف صلى الله عليه وسلم سبعا وقف في الملتزم بين ركن الحجر وبين باب الكعبة فدعا الله وألزق جسده: أي صدره الشريف ووجهه بالملتزم.
أي ولما وصل صلى الله عليه وسلم إلى محل بين مكة والمدينة يقال له غدير خمّ بقرب رابغ جمع الصحابة وخطبهم خطبة بين فيها فضل علي كرم الله وجهه، وبراءة عرضه مما تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وبخلا، والصواب كان معه كرم الله وجهه في ذلك فقال صلى الله عليه وسلم «أيها الناس إنما أنا بشر مثلكم، يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب» أي وفي لفظ في الطبراني «فقال: يا أيها الناس إنه قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول، وإنكم مسؤولون فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن جنته حق وناره حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن السعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك، قال: اللهم اشهد» الحديث «ثم حض على التمسك بكتاب الله ووصى بأهل بيته، أي فقال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن تتفرقا حتى تردا عليّ الحوض» ، وقال في حق علي كرم الله وجهه لما كرر عليهم: ألست أولى بكم من أنفسكم ثلاثا، وهم يجيبونه صلى الله عليه وسلم بالتصديق والاعتراف، ورفع صلى الله عليه وسلم يد علي كرم الله وجهه وقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وابغض من أبغضه، وانصر من نصره، وأعن من أعانه، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار» وهذا أقوى ما تمسكت به الشيعة والإمامية والرافضة على أن عليا كرم الله وجهه أولى بالإمامة من كل أحد، وقالوا هذا نص صريح على خلافته سمعه ثلاثون صحابيا وشهدوا به، قالوا: فلعلي عليهم من الولاء ما كان له صلى الله عليه وسلم عليهم، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«ألست أولى بكم» وهذا حديث صحيح ورد بأسانيد صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته كأبي داود وأبي حاتم الرازي.
وقول بعضهم إن الزيادة اللهم وال من والاه إلى آخره موضوعة مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحح الذهبي كثيرا منها.
وقد جاء أن عليا كرم الله وجهه قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أنشد الله من ينشد يوم غدير خمّ إلا قام، ولا يقوم رجل يقول أنبئت أو بلغني إلا