للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإفاضة يوم النحر؟ قالت بلى، قال: لا بأس انفري معنا» وفي رواية: «قال يكفيك ذلك» أي لأنه هو طواف الركن الذي لابد لكل أحد منه، بخلاف طواف الوداع لا يجب على الحائض ولا يلزمها الصبر لتطهر وتأتي به، ولا دم عليها في تركه.

قال الإمام النووي رحمه الله: وهذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة، إلا ما حكي عن بعض السلف وهو شاذ مردود.

ثم إنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة في تلك الليلة، وطاف طواف الوداع سحرا قبل صلاة الصبح، ثم خرج من الثنية السفلى ثنية كدى بضم الكاف والقصر: وهو عند باب شبيكة متوجها إلى المدينة: أي التي خرج منها لما فتح مكة كما تقدم.

وكان خروجه صلى الله عليه وسلم من المسجد من باب الحزورة، ويقال له باب الحناطين.

وجاء عن جابر رضي الله عنه: «أن خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة كان عند غروب الشمس فلم يصلّ حتى أتى سرف» قال بعضهم: لعل هذا كان في غير حجة الوداع، فإنه صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت بعد صلاة الصبح فماذا أخره إلى وقت الغروب هذا غريب جدا هذا كلامه. وما روي أنه صلى الله عليه وسلم رجع بعد طواف الوداع إلى المحصب غير محفوظ.

أقول: هذا جمع به الإمام النووي رحمه الله بين الروايات المتقدمة عن عائشة حيث قال: ووجه الجمع أنه صلى الله عليه وسلم بعث عائشة مع أخيها بعد نزوله المحصب، وواعدها أن تلحقه بعد اعتمارها، ثم خرج هو صلى الله عليه وسلم بعد ذهابها فقصد البيت ليطوف طواف الوداع، ثم رجع بعد فراغه من طواف الوداع فلقيها وهو صادر وهي داخله لطواف عمرتها، ثم لما فرغت لحقته وهو في المحصب.

قال: وأما قولها فأذن في أصحابه فخرج ومر بالبيت وطاف فمتأول بأن في الكلام تقديما وتأخيرا، وإلا فطوافه صلى الله عليه وسلم كان بعد خروجها إلى العمرة وقبل رجوعها، وأنه فرغ قبل طوافها للعمرة هذا كلامه فليتأمل، فكانت مدة دخوله صلى الله عليه وسلم إلى مكة وخروجه منها عشرة أيام، وهذا السياق يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يأت بعمرة بعد حجه، وهو لا يناسب القول بأنه أحرم مفردا بالحج، بل يدل للقول بأنه أحرم قارنا أو نواهما بعد إطلاق الإحرام، أو أدخل الحج على العمرة.

وفي كلام بعضهم لم يعتمر صلى الله عليه وسلم تلك السنة عمرة مفردة لا قبل الحج ولا بعده ولو جعل حجه منفردا لكان خلاف الأفضل، أي لأنه لم يقل أحد إن الحج وحده من غير اعتمار في سنته أفضل من القران.

وفي كلام بعض آخر: أجمعوا على أنه لم يعتمر بعد الحج، فتعين أن يكون متمتعا تمتع قران.

وقد يطلق الإفراد على الإتيان بأعمال الحج فقط وإن كان قد أحرم بهما معا

<<  <  ج: ص:  >  >>