لكنه قال في شروط المعجزة: الرابع أن يكون أي الأمر الخارق للعادة ظاهرا على يد مدعي النبوة ليعلم أنه تصديق له انتهى. فيحتمل أنه أراد بالنبوة الرسالة.
ويحتمل أنه أراد بها ما يعم الرسالة للشخص لنفسه، فهو رسول إلى نفسه، فتكون المعجزة عامة في حق الرسول والنبي الذي ليس برسول.
ومما يؤيد هذا الثاني قول النسفي رحمه الله في عقائده: وأيدهم، قال السعد رحمه الله: أي الأنبياء بالمعجزات الناقضات للعادات.
ثم قال: وقد روي بيان عددهم في بعض الأحاديث. قال السعد على ما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن عدد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا. وفي رواية، مائتا ألف وأربعة وعشرون الفا» ويؤيده أيضا قول الإمام السنوسي في شرح عقيدته الكبرى: إن معجزة النبي غير الرسول، يجوز أن تتأخر بعد موته، تخلاف معجزة الرسول فإن فيها خلافا إلى آخر ما ذكر. ومما يؤيد هذا الثاني أيضا ما نقله في الخصائص الصغرى عن بعضهم وأقره: فرض الله على الأنبياء إظهار المعجزات ليؤمنوا بها، وفرض على الأولياء كتمان الكرامات لئلا يفتتنوا بها انتهى. فقد قابل بين المعجزة والكرامة. وفيه تصريح بأنه يجب على النبي غير المرسل إظهار المعجزة.
وعن القرافي المالكي رحمه الله أنه يجب على النبي أنه يخبر بنبوته، وذكر في الأصل أن الغرض ذكر نبذة من معجزاته صلى الله عليه وسلم، وإلا فمعجزاته صلى الله عليه وسلم كالبحر المتدافق بالأمواج.
وقد ذكر بعض العلماء أن معجزاته صلى الله عليه وسلم لا تنحصر. وفي كلام بعض آخر أنه صلى الله عليه وسلم أعطى ثلاثة آلاف معجزة: أي غير القرآن، فإن فيه ستين، وقيل سبعين ألف معجزة تقريبا.
قال في الخصائص: قال الحليمي: وليس في شيء معجزات غيره ما ينجو نحو اختراع الأجسام، فإن ذلك من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة، هذا كلامه.
وفيه أن هذا معارض بقول الله تعالى حكاية عن عيسى عليه الصلاة والسلام أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ [آل عمران: الآية ٤٩] الآية. والغرض ذكر تلك النبذة مجموعة وإن كان أكثرها قد سبق لكنه مفرق، أي وأنبه على ما تقدم بقولي أي كما تقدم، وأسكت عن ذلك فيما لم يتقدم.
فمن معجزاته صلى الله عليه وسلم وهو أعظمها القرآن، أي لأنه تعالى أتى به مشتملا على أخبار الأمم السالفة وسير الأنبياء الماضية التي عرفها أهل الكتاب، وهو صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولا عرف بمجالسة الكهان والأحبار، لأنه صلى الله عليه وسلم قد نشأ بين أظهرهم