الرافعي رحمه الله قال: فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك الإغفاءة، وقالوا: من الوحي ما كان يأتيه في النوم، لأن رؤيا الأنبياء وحي، وهذا غير صحيح، لكن الأشبه أن يقال: القرآن كله نزل يقظة، وكان صلى الله عليه وسلم خطر له في النوم سورة كوثر المنزل عليه في اليقظة: أي قبل ذلك.
وفيه أن قول آنفا لا يناسبه، قال: أو يحمل الإغفاء على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي. ثم رأيت الجلال السيوطي في الإتقان نظر في جواب الرافعي الأول بما ذكرته واستحسن الجواب الثاني.
وفي المواهب أن العاص بن وائل اجتمع هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في باب من أبواب المسجد فتحدثا وصناديد قريش جلوس في المسجد، فلما دخل العاص المسجد قالوا له: من ذا الذي كنت تتحدث معه؟ قال: ذاك الأبتر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان توفي أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله تعالى عنها أي الذكور، فرد الله سبحانه وتعالى عليه وتولى جوابه بقوله: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣) [الكوثر:
الآية ٣] أي عدوك ومبغضك هو الذليل الحقير: أي باغضك هو الأبتر: أي المقطوع عن كل خير، أو المقطوع رحمه بينه وبين ولده، لأن الإسلام حجزهم عنه فلا توارث بينهم.
فلا يقال العاص وأبو لهب لهما أولاد ذكور؟ فالأول له عمرو وهشام رضي الله تعالى عنهما. والثاني له عتبة ومعتب رضي الله تعالى عنهما.
قيل وكان بين كل ولدين لخديجة سنة. وكانت رضي الله تعالى عنها تعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة، وكانت تسترضع لهم.
وذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره في قوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً [الشّورى: الآية ٤٩] كلوط عليه الصلاة والسلام كان له إناث ولم يكن له ذكور وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ [الشّورى: الآية ٤٩] كإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فإنه لم يكن له بنت أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً [الشّورى: الآية ٥٠] كنبينا صلى الله عليه وسلم وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً [الشّورى: الآية ٥٠] كيحيى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، فإنهما لم يولد لهما ولد.
أما زينب رضي الله تعالى عنها، فتزوجها ابن خالتها هالة بنت خويلد أخت خديجة شقيقتها، وهو العاصي بن الربيع كما تقدم. وذكر بعضهم بدل هالة هند.
قال: وهالة صحابية، وهند لا أعرف لها إسلاما. ويحتمل أن يكون أحدهما اسما والآخر لقبا، فهما واحدة.
وفي سنة ثمان من الهجرة، أي من ذي الحجة ولدت له صلى الله عليه وسلم مارية القبطية رضي الله تعالى عنها- وكان صلى الله عليه وسلم معجبا بها، لأنها كانت بيضاء جميلة- ولده إبراهيم. وعق عنه صلى الله عليه وسلم بكبشين يوم سابعه، وحلق رأسه، وتصدق بزنة شعره فضة على المساكين، وأمر بشعره فدفن في الأرض، أي وغارت نساؤه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن