للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمقين وآخرين: صوت عند مصيبة وخمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان، وصوت عند نغمة لهو، وهذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم» وذكر «أنه لما مات كان صلى الله عليه وسلم مستقبلا للجبل فقال: يا جبل لو كان بك مثل ما بي لهدك، ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون وصرخ أسامة رضي الله تعالى عنه، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له:

رأيتك تبكي، فقال له صلى الله عليه وسلم البكاء من الرحمة، والصراخ من الشيطان» .

ولما مات ولد سليمان بن عبد الملك التفت إلى ولي عهده عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وقال له: إني أجد في كبدي جمرة لا يطفئها إلا عبرة، فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: اذكر الله يا أمير المؤمنين وعليك بالصبر. والتفت إلى وزيره رجاء، فقال له رجاء اقضها يا أمير المؤمنين فما بذلك من بأس، فقد دمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، فأرسل سليمان عينيه فبكى حتى قضى أربا، ثم أقبل عليهما، فقال: لو لم أنزف هذه العبرة لا نصدعت كبدي ثم لم يبك بعدها، ولذلك قيل:

في إفاضة الكئيب لدمعته ... ما يذهب من لوعته

وفي إرساله لعبرته ... ما يعينه على سلوته

ومات سنة عشرة من الهجرة.

واختلف في سنة؟ فقيل سنة وعشرة أشهر وستة أيام، وقيل ثمانية عشر شهرا، مات عند ظئره أم بردة، وغسلته، وحملته بين يديها على سرير.

وفي رواية غسله الفضل بن العباس رضي الله تعالى عنهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم على سرير.

وفي كلام ابن الأثير رحمه الله قيل: إن الفضل بن العباس رضي الله تعالى عنهما غسل إبراهيم ونزل في قبره هو وأسامة بن زيد، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفير القبر، قال الزبير: ورش على قبره ماء، وعلم على قبره بعلامة. وهو أول قبر رش عليه الماء، وفيه أنه رش على قبر عثمان بن مظعون بالماء، وهو سابق على سيدنا إبراهيم كما تقدم، وصلى عليه صلى الله عليه وسلم وكبر أربعا، أي وقيل لم يصلّ عليه: أي لم تقع الصلاة عليه من أحد. وفي كلام النووي رحمه الله القول بالصلاة عليه، هو قول جمهور العلماء وهو الصحيح.

وما جاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه لم يصلّ عليه قال ابن عبد البر رحمه الله إنه غلط، فقد أجمع جماهير العلماء على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا عملا مستفيضا عن السلف والخلف.

وقال الإمام أحمد رحمه الله في خبر عائشة رضي الله تعالى عنها: إنه خبر

<<  <  ج: ص:  >  >>