وكان يتطيب بالمسك والغالية، ويتبخر بالعود والعنبر والكافور، ويأمر أصحابه بالمشي أمامه. ويقول:«خلو ظهري للملائكة» زاهدا في الدنيا. ما ترك درهما ولا دينارا.
توفي ودرعه مرهونة، وتقدم أنها ذات الفضول عند يهودي وتقدم أنه أبو الشحم على نفقة عياله، وتقدم أن ذلك كان ثلاثين صاعا من شعير، وكان الأجل سنة.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول:«اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا» . ما شبع ثلاثة أيام تباعا من خبز البر حتى فارق الدنيا. وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه.
وفي رواية: ما شبع يومين من خبز الشعير. أي ومعلوم أن ذلك إنما هو لتتأسى به أمته في الإعراض عن الدنيا. قالت عائشة رضي الله عنها: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني عرض عليّ أن يجعل لي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: لا يا رب، أجوع يوما، وأشبع يوما، فأما اليوم الذي أجوع فيه فأضرع إليك وأدعوك، وأما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك وأثني عليك» .
قال صلى الله عليه وسلم:«ما لي وللدنيا، إنما أنا في الدنيا كرجل سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة حتى مال الفيء فتركها ولم يرجع إليها» .
وقال صلى الله عليه وسلم:«ما أبالي بما رددت به عني الجوع» ولم ينخل له صلى الله عليه وسلم دقيق الشعير.
قال: وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: والذي بعث محمدا بالحق ما رأى منخلا، ولا أكل خبزا منخولا منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبض. فقيل لها: كيف كنتم تصنعون بالشعير؟ قالت: كنا نقول أف أف انتهى، أي فيطير ما طار، وما بقي عجناه: ولا خبز له صلى الله عليه وسلم مرقق. ولا أكل النقي من الخبز.
وعن أنس رضي الله عنه قال: جاءت فاطمة رضي الله عنها بكسرة خبز إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«ما هذه الكسرة يا فاطمة؟ قالت: قرص خبزته فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة، فقال صلى الله عليه وسلم: أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام» أي فإنه صلى الله عليه وسلم كان يبيت الليالي المتابعة طاويا. ولا أكل على خوان قط، إنما كان يأكل على السفرة، وربما وضع صلى الله عليه وسلم طعامه على الأرض.
أي وخطب صلى الله عليه وسلم يوما فقال: والله ما أمسى في بيت محمد صاع من طعام وإنها لتسعة أبيات. قال الحسن: والله ما قالها استقلالا لرزق الله، ولكن أراد صلى الله عليه وسلم أن تتأسى به أمته.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: كان يمر هلال ثم هلال لا يوقد في بيت من