رجليه بين أصحابه. يكرم من يدخل عليه، وربما بسط له رداءه وآثره بالوسادة التي تحته، ويعزم عليه بالجلوس عليها إن أبي، ويدعو أصحابه بأحب أسمائهم ويكنيهم، ولا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته، وسأله عن حاجته، فإذا فرغ عاد إلى صلاته، وطعن في الحديث الذي ورد بذلك، وإذا سمع بكاء الصغير وهو يصلي تجوّز فيها: أي خففها.
أكثر الناس شفقة على خلق الله تعالى وأرأفهم بهم وأرحمهم بهم، قال تعالى:
وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)[الأنبياء: الآية ١٠٧] ومن ثم رغب صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى أن يجعل سبه ولعنه لأحد من المسلمين رحمة له: أي إذا كان لا يستحق ذلك السب في باطن الأمر ويستحقه في ظاهر الأمر. أي وقال صلى الله عليه وسلم:«من لا يرحم لا يرحم» أوصل الناس للرحم، وأقومهم بالوفاء وحسن العهد.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول:«إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد» .
وكان يركب الحمار: أي وربما ركبه عريانا ويردف خلفه. فعن أنس رضي الله عنه: رأيته صلى الله عليه وسلم يوما على حمار خطامه ليف، أي وقد جاء أن ركوب الحمار براءة من الكبر، وكان يجلس على الأرض، وكان يشرب قائما وقاعدا وينتعل قائما وقاعدا، ويصلي منتعلا وحافيا.
وفي لفظ: كان أكثر صلاته صلى الله عليه وسلم في نعليه وكان يحب التيامن في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله، وكان يحب السواك حتى لقد أحفى لثته. وكان يكتحل بالإثمد عند النوم ثلاثا في كل عين. وفي لفظ: ثلاثا في اليمنى ومرتين في اليسرى.
وقال صلى الله عليه وسلم:«عليكم بالإثمد، فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر، وإنه من خير أكحالكم» وكان يعود المساكين ويجلس بين أصحابه.
«وحج صلى الله عليه وسلم على رحل رث عليه قطيفة ما تساوي أربعة دراهم، وقال: اللهم اجعله حجا مبرورا لا رياء فيه ولا سمعة» كما تقدم، وأهدى في حجة ذلك مائة بدنة كما تقدم.
وكان يفلي ثوبه، أي وإن كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن القمّل لا يؤذيه، ويحلب شاته، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه ويخدم نفسه، ويعلف ناضحه وهو الجمل الذي يسقي عليه الماء، ويقمّ البيت.
قال وعن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل عمل البيت، وأكثر ما يعمل الخياطة، ما يرى فارغا قط في بيته، إما يخصف نعلا لرجل مسكين، أو يخيط ثوبا لأرملة انتهى، ويأكل مع الخادم، ويحمل بضاعته من السوق، ويحب الطيب، ويأمر به.