فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه، لقد هممت أن أرسل إلى أبيك وأخيك فأقص أمري وأعهد عهدي فلا يطمع في الدنيا طامع» . وفي لفظ:«ثم قلت يأبي الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبي المؤمنون» وفي رواية: «أنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: ادعي لي أباك أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن أو يقول قائل أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» وفي رواية: «لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما ائتني بكتف أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه، فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم، قال: أبي الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر» .
قال ابن كثير رحمه الله: وقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة بين فيها فضل الصديق رضي الله عنه من بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولعل خطبته صلى الله عليه وسلم هذه كانت عوضا عما أراد صلى الله عليه وسلم أن يكتبه في الكتاب.
وفي رواية أنه اجتمع عنده صلى الله عليه وسلم رجال، فقال صلى الله عليه وسلم: هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: أي وهو سيدنا عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه الوجع وعندكم القرآن، أي وإنما قال ذلك رضي الله عنه تخفيفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتفعت أصواتهم، فأمرهم بالخروج من عنده.
وجاء أن العباس رضي الله عنه قال لعلي كرم الله وجهه: لا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصح من مرضه هذا فإني أعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، أي وفي رواية:
خرج علي بن أبي طالب كرم الله وجهه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مرضه الذي مات فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئا، فأخذ بيده عمه العباس رضي الله عنهما. وقال له: والله أنت بعد ثلاث عبد العصي، وإني لا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجعه هذا بعد ثلاث إلا ميتا، فإني رأيت في وجهه ما كنت أعرفه في وجوه بني عبد المطلب عند الموت، فاذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسأله فيمن هذا الأمر؟ فإن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا كلمناه فأوصى بنا، فقال عليّ كرم الله وجهه: والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت عائشة رضي الله عنها: وصار صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه فاشتدّ به المرض عند ميمونة رضي الله عنها، وقيل في بيت زينب رضي الله عنها، وقيل في بيت ريحانة رضي الله عنها، قالت عائشة رضي الله عنها: فدعا صلى الله عليه وسلم نساءه فاستأذنهن أن يمرض في بيتي فأذنّ له، وفي رواية: صار يقول وهو في بيت ميمونة أين أنا غدا أين أنا غدا؟ يريد يوم عائشة رضي الله عنها. وفي البخاري يقول: أين أنا اليوم أين أنا غدا؟ استبطأ ليوم عائشة رضي الله عنها، فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة.