إنكن صواحب يوسف عليه الصلاة والسلام» . وفي لفظ:«إنكن لأنتن صواحب يوسف عليه الصلاة والسلام» فقالت حفصة رضي الله تعالى عنها لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرا ومروا أبا بكر فليصل بالناس» : أي مثل صاحبة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي زليخا أظهرت خلاف ما تبطن، وظهرت للنساء اللاتي جمعتهن أنها تريد إكرامهن بالضيافة، وإنما قصدها أن ينظرن لحسن يوسف عليه الصلاة والسلام فيعذرنها في حبه والنبي صلى الله عليه وسلم فهم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها تظهر كراهة ذلك مع محبتها له باطنا هكذا يقتضيه ظاهر اللفظ.
والمنقول عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها إنما قصدت بذلك خوف أن يتشاءم الناس أبا بكر فيكرهونه حيث قام مقامه صلى الله عليه وسلم، فقد جاء عنها رضي الله تعالى عنها أنها قالت: ما حملني على كثرة مراجعتي له صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلا قام مقامه أبدا، ولا كنت أرى أنه يقوم أحد مقامه إلا تشاءم الناس منه.
وفي رواية: «إن الأنصار رضي الله تعالى عنهم لما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يزداد وجعا طافوا بالمسجد وأشفقوا من موته صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه الفضل رضي الله تعالى عنه فأخبره بذلك، ثم دخل عليه علي كرم الله وجهه فأخبره بذلك، ثم دخل عليه العباس رضي الله تعالى عنه فأخبره بذلك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم متوكئا على علي والفضل والعباس أمامه، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوب الرأس يخط برجليه حتى جلس على أسفل مرقاة من المنبر وثار الناس إليه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خلد نبي قبلي فيمن بعث إليه فأخلد فيكم؟ ألا وإني لاحق بربي وإنكم لا حقون به، فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا، وأوصى المهاجرين فيما بينهم بخير، فإن الله يقول: وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)[العصر: الآية ١، ٢] السورة وإن الأمور تجري بإذن الله، ولا يحملكم استبطاء أمر على استعجاله، فإن الله عز وجل لا يعجل لعجلة أحد، ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢)[محمد:
الآية ٢٢] وأوصيكم بالأنصار خيرا، فإنهم الذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم، ألم يشاطروكم في الثمار؟ ألم يوسعوا لكم في الديار، ألم يؤثروكم على أنفسكم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم، وليتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم، ألا فإني فرطكم وأنتم لا حقوني بي، ألا وإن موعدكم الحوض، ألا فمن أحب أن يرده عليّ غدا فليكفف يده ولسانه إلا فيما ينبغي: أيها الناس إن الذنوب تغير النعم، فإذا بر الناس برتهم أئمتهم، وإذا فجر الناس عقوا أئمتهم» وفي الحديث:«حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم» .