وأعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه هذا أربعين نفسا، وكانت عنده صلى الله عليه وسلم سبعة دنانير أو ستة، فأمر عائشة رضي الله عنها أن تتصدق بها بعد أن وضعها صلى الله عليه وسلم في كفه وقال:
ما ظن محمد بربه، أن لو لقي الله وهذه عنده فتصدقت بها.
وفي رواية: أمرها بإرسالها إلى علي كرم الله وجهه ليتصدق بها، فبعثت بها إليه فتصدق بها بعد أن وضعها في كفه، وقد كان العباس رضي الله عنه قبل ذلك بيسير رأى أن القمر قد رفع من الأرض إلى السماء، فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له ابن أخيك.
وجاءه صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام صحبة ملك الموت وقال له: يا أحمد إن الله قد اشتاق إليك، قال: فاقبض يا ملك الموت كما أمرت. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي لفظ: أتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إن الله أرسلني إليك تكريما لك وتشريفا، يسألك عما هو أعلم به منك، يقول لك: كيف تجدك؟ قال: أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا، ثم جاء اليوم الثاني والثالث، فقال له ذلك، فردّ عليه صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك، وجاء معه في اليوم الثالث ملك الموت، فقال له جبريل عليه السلام: هذا ملك الموت يستأذن عليك، ما استأذن على أحد قبلك، ولا يستأذن على آدمي بعدك، أتاذن له فأذن له فدخل فسلم عليه، ثم قال: يا محمد إن الله أرسلني إليك، فإن أمرتني أن أقبض روحك قبضت، وإن أمرتني أن أترك تركت، قال: أو تفعل؟ قال: نعم وبذلك أمرت، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام، فقال له: يا محمد إن الله قد اشتاق إلى لقائك، أي وفي رواية: أتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ورحمة الله، ويقول لك: إن شئت شفيتك وكفيتك، وإن شئت توفيتك وغفرت لك، قال: ذلك إلى ربي يصنع بي ما يشاء.
وفي رواية: الخلد في الدنيا ثم في الجنة أحب إليك أم لقاء ربك، ثم الجنة؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقاء ربي ثم الجنة.
أي وجاء جبريل عليه السلام قال: هذا آخر وطىء بالأرض، وفي لفظ آخر عهدي بالأرض بعدك، ولن أهبط إلى الأرض لأحد بعدك. قال الحافظ السيوطي رحمه الله: هو حديث ضعيف جدا، ولو صح لم يكن فيه معارضة، أي لما ورد أنه ينزل ليلة القدر مع الملائكة يصلون على كل قائم وقاعد يذكر الله لأنه يحمل على أنه آخر نزوله بالوحي.
وفيه أنه ذكر أن حديث: يوحي الله إلى عيسى عليه السلام أي بعد قتله الدجال صريح في أنه يوحى إليه بعد النزول. والظاهر أن الجائي إليه عليه السلام بالوحي جبريل عليه السلام، بل هو الذي يقطع به ولا يتردد فيه لأن ذلك وظيفته لأنه السفير