للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدجال، فإذا أشبه الناس به أكثم بن عبد العزى، فقام أكثم فقال: أيضرني شبهي إياه؟ فقال: لا، أنت مؤمن وهو كافر» ورده ابن عبد البر حيث قال: الحديث الذي فيه ذكر الدجال لا يصح إنما يصح ما قاله في ذكر عمرو بن لحي.

وإنما كان عمرو بن لحي أول من نصب الأوثان، لأنه خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره فرأى بأرض البلقاء العماليق ولد عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، ورآهم يعبدون الأصنام، فقال لهم، ما هذه؟ قالوا هذه أصنام نعبدها، فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: أفلا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب؟ فأعطوه صنما يقال له هبل، فقدم به مكة فنصبه في بطن الكعبة على بئرها، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه فكان الرجل إذا قدم من سفره بدأ به قبل أهله بعد طوافه بالبيت وحلق رأسه عنده، وكان عند هبل سبع قداح: قدح فيه مكتوب العقل اذا اختلفوا فيمن يحمله منهم ضربوا به فعلى من خرج حمله. وقدح مكتوب فيه نعم.

وقدح مكتوب فيه لا وذلك للأمر الذي يريدونه، وقدح فيه منكم. وقدح فيه ملصق من غيركم إذا اختلفوا في ولد هل هو منهم أو لا. وقدح فيه بها. وقدح فيه ما بها إذا أرادوا أرضا يحفرونها للماء وكان هبل من العقيق على صورة إنسان.

وعاش عمرو بن لحي هذا ثلاثمائة سنة وأربعين سنة، ورأى من ولده وولد ولده ألف مقاتل: أي ومكث هو وولده من بعده في ولاية البيت خمسمائة سنة، وكان آخرهم حليل الذي تزوج قصيّ ابنته كما تقدم.

وقيل: وكان لعمرو تابع من الجن، فقال له: اذهب إلى جدة وائت منها بالآلهة التي كانت تعبد في زمن نوح وإدريس عليهما الصلاة والسلام، وهي ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فذهب وأتى بها إلى مكة ودعا إلى عبادتها، فانتشرت عبادة الأصنام في العرب، فكان ود لكلب، وسواع لهمدان، وقيل لهذيل، ويغوث لمذحج بالذال المعجمة على وزن مسجد أبو قبيلة من اليمن، ويعوق لمراد. وقيل لهمدان، ونسر لحمير أي وكانوا هؤلاء على صور عباد ماتوا، فحزن أهل عصرهم عليهم فصوّر لهم إبليس اللعين أمثالهم من صفر ونحاس ليستأنسوا بهم، فجعلوها في مؤخر المسجد، فلما هلك أهل ذلك العصر قال اللعين لأولادهم: هذه آلهة آبائكم تعبدونها، ثم إن الطوفان دفنها في ساحل جدة فأخرجها اللعين.

وفي كلام بعضهم أن آدم كان له خمسة أولاد صلحاء، وهم ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، فمات ودّ فحزن الناس عليه حزنا شديدا، واجتمعوا حول قبره لا يكادون يفارقونه، وذلك بأرض بابل، فلما رأى إبليس ذلك من فعلهم جاء إليهم في صورة إنسان وقال لهم: هل لكم أن أصور لكم صورته إذا نظرتم إليها ذكرتموه؟

قالوا نعم، فصوّر لهم صورته، ثم صار كلما مات واحد منهم صور صورته وسموا

<<  <  ج: ص:  >  >>