عرشه على الماء أي العذب، فلما اضطرب العرش كتب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكن، فلما أراد أن يخلق السموات والأرض أرسل الريح على ذلك الماء فتموج فعلاه دخان، فخلق من ذلك الدخان السموات، ثم أزال ذلك الماء عن موضع الكعبة فيبس» وفي لفظ «أرسل على الماء ريحا هفافة فصفق الريح الماء» أي ضرب بعضه بعضا «فأبرز عنه خشفة» الحديث، وبسط الله سبحانه وتعالى من ذلك الموضع جميع الأرض طولها والعرض، فهي أصل الأرض وسرتها. وقد يخالفه ما في «أنس الجليل» كذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال:
وسط الدنيا بيت المقدس وأرفع الأرضين كلها إلى السماء بيت المقدس.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومعاذ بن جبل أنه أقرب إلى السماء باثني عشر ميلا ثم بين ذلك في أنس الجليل.
ولما ماجت الأرض وضع عليها الجبال، فكان أول جبل وضع عليها أبو قبيس، وحينئذ كان ينبغي أن يسمى أبا الجبال، وأن يكون أفضلها مع أن أفضلها كما قال الجلال السيوطي استنباطا: أحد، لقوله صلى الله عليه وسلم:«أحد يحبنا ونحبه» ولما ورد أنه على باب من أبواب الجنة، قال: ولأنه من جملة أرض المدينة التي هي أفضل البقاع: أي عنده تبعا لجمع، ولأنه مذكور في القرآن باسمه في قراءة من قرأ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ [آل عمران: الآية ١٥٣] أي بضم الهمزة والحاء، ثم فتق الأرض فجعلها سبع أرضين. وقد جاء «بدأ الله خلق الأرض في يومين غير مدحوّة ثم خلق السموات فسواهن في يومين، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وجعل فيها الرواسي وغيرها في يومين» .
وبهذا يظهر التوقف في قول مغلطاي: إن لفظة بعد في قوله تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠)[النّازعات: الآية ٣٠] بمعنى قبل، لأن خلق الأرض قبل خلق السماء، لما علمت أن الأرض خلقت قبل السماء غير مدحوة، ثم بعد خلق السماء دحى الأرض.
ثم رأيت بعضهم سأل ابن عباس عن ذلك، حيث قال له: يا إمام اختلف عليّ من القرآن آيات، ثم ذكر منها أنه قال: قال الله تعالى: أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصّلت: الآية ٩] . حتى بلغ- طائِعِينَ [فصّلت: الآية ١١] ثم قال في الآية الأخرى: أَمِ السَّماءُ بَناها [النّازعات: الآية ٢٧] ثم قال: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠)[النّازعات: الآية ٣٠] فأجابه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. أما قوله: خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصّلت: الآية ٩] فإن الأرض خلقت قبل السماء، وكانت السماء دخانا فسواهن سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض. وأما قوله تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠)[النّازعات: الآية ٣٠] يقول: جعل فيها جبلا، وجعل فيها نهرا، وجعل فيها شجرا، وجعل