للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال إن ذلك الثوب كان للوليد بن المغيرة، فأخذ صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود فوضعه فيه بيده الشريفة، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب: أي بزاوية من زواياه ثم ارفعوه جميعا ففعلوا، فكان في ربع عبد مناف عتبة بن ربيعة، وكان في الربع الثاني زمعة، وكان في الربع الثالث أبو حذيفة بن المغيرة، وكان في الربع الرابع قيس بن عدي، حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو صلى الله عليه وسلم: أي ولما مات أبو أمية بن المغيرة رثاه أبو طالب بقصيدة طويلة، ورثاه أبو جحيفة بقوله:

ألا هلك الماجد الرافد ... وكل قريش له حامد

ومن هو عصمة أيتامنا ... وغيث إذا فقد الراعد

قال: وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الركن:

أي الحجر ذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلى الله عليه وسلم حجرا يشد به الركن، فقال العباس لا، وناول العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شدّ به الركن، فغضب النجدي وقال:

واعجبا لقوم أهل شرف وعقول وأموال عمدوا إلى رجل أصغرهم سنا وأقلهم مالا فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحرزهم كأنهم خدم له، أما والله ليفرقنهم شيعا، وليقسمنّ بينهم حظوظا، فكاد يثير شرا فيما بينهم، ولعل هذا النجدي هو إبليس.

فقد ذكر السهيلي أن إبليس تمثل في صورة شيخ نجدي حين حكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الركن من يرفعه، وصاح: يا معشر قريش أرضيتهم أن يلي هذا الغلام دون أشرافكم وذوي أنسابكم؟ انتهى.

وإنما تصوّر بصورة نجدي، لأن في الحديث، نجد طلع منها قرن الشيطان.

ولما قال صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا، قالوا وفي نجدنا، فأعاد الأول، والثاني قال: هناك الزلازل والفتن، وفيها يطلع قرن الشيطان» .

أقول: سيأتي أنه تصور بهذه الصورة أيضا عند دخول قريش دار الندوة ليتشاوروا في كيفية قتله صلى الله عليه وسلم ودخل معهم، وسيأتي. ثم في حكمة تصوره بذلك غير ما ذكر. ولا مانع أن يكونا حكمة لما هنا ولما يأتي.

وأعادوا الصور التي كانت في حيطانها، لأنه كان في حيطانها صور الأنبياء بأنواع الأصباغ، ومن جملتهم صورة إبراهيم وفي يده الأزلام: أي وإسمعيل وفي يده الأزلام، وصورة الملائكة وصورة مريم كما سيأتي في فتح مكة، وكساها زعماؤهم أرديتهم وكانت من الوصائل، ولم يكسها أحد بعد ذلك حتى كساها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبرات في حجة الوداع، والله أعلم. وهذه المرة الرابعة أي من بناء الكعبة بناء على أن أول من بناها الملائكة.

ففي بعض الآثار أن الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلق السموات والأرض كان

<<  <  ج: ص:  >  >>