للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله أعلم. قال «وجاء أن جبريل عليه الصلاة والسلام بعثه الله تعالى إلى آدم وحواء، فقال لهما: ابنيا» أي قال لهما إن الله تعالى يقول لكما ابنيا لي بيتا. فخط لهما جبريل، فجعل آدم يحفر وحواء تنقل التراب حتى أجابه الماء ونودي من تحته:

«حسبك يا آدم» وفي رواية «حتى إذا بلغ الأرض السابعة. فقذفت فيها الملائكة الصخر، ما يطيق الصخرة ثلاثون رجلا» اهـ.

وفيه أنه كان أمر آدم ببناء البيت بعد مجيئه إلى تلك الخيمة من الهند ماشيا خالف ظاهر ما تقدم عن عطاء وسعيد بن المسيب «أوحى الله تعالى إلى آدم أن اهبط إلى الأرض ابن لي بيتا» إذ ظاهره أنه أوحى إليه بذلك وهو في الجنة، إلا أن يقال المراد بالأرض في قوله اهبط إلى الأرض أرض الحرم: أي اذهب إلى أرض الحرم ابن لي بيتا.

ثم لا يخفى أن قوله فقذفت فيه الملائكة الصخر، يقتضي أن إلقاء الملائكة للصخرة كان بعد حفر آدم، وهو لا يخالف ما تقدم عن كعب. «أنزل الله من السماء ياقوتة مجوفة مع آدم، فقال له: يا آدم هذا بيتي أنزلته معك، ونزل معه الملائكة، فرفعوا قواعده من الحجارة ثم وضع البيت عليها» فيكون إلقاء الملائكة للصخر بعد حفر آدم «فلما تم ذلك الأس جعل ذلك البيت فوق تلك الصخور» ويكون المراد بقوله ونزل معه الملائكة: أي صحبوه من أرض الهند إلى أرض الحرم.

وجاء في بعض الروايات إن آدم وحواء لما أسساه نزل البيت من السماء من ذهب أحمر وكل به من الملائكة سبعون ألف ملك فوضعوه على أس آدم، ونزل الركن فوضع موضعه اليوم من البيت فطاف به آدم أي كما كان يطوف به قبل ذلك، وبهذا تجتمع الروايات. وحينئذ لا مانع أن ينسب بناء هذا الأساس الذي وضعت الملائكة عليه تلك الخيمة لآدم وأن ينسب للملائكة.

أما نسبته للملائكة فواضح. وأما نسبته لآدم فلأنه السبب فيه، أو لأنه كان إذا ألقت الملائكة الصخر يضع آدم بعضه على بعض، وعلى نسبة بناء ذلك الأس للملائكة ولآدم يحتمل القول بأن أول من بنى الكعبة الملائكة. والقول بأن أول من بنى الكعبة آدم فليتأمل.

وقد جاء أن آدم بناه من لبنان جبل بالشام، ومن طور زيتا جبل من جبال القدس، ومن طور سينا جبل بين مصر وإيليا.

وفي كلام بعضهم أنه جبل بالشام، وهو الذي نودي منه موسى عليه الصلاة والسلام، ومن الجودي وهو جبل بالجزيرة، ومن حرا حتى استوى على وجه الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>