أقول: وفي رواية بناه من ستة أجبل: من أبي قيس ومن رضوى ومن أحد فالمتحصل من الروايتين أنه بناء من ثمانية أجبل، ولا مانع من ذلك، واستمر ذلك البيت الذي هو الخيمة إلى زمن نوح عليه الصلاة والسلام، فلما كان الغرق بعث الله تعالى سبعين ألف ملك فرفعوه إلى السماء الرابعة فهو البيت المعمور كما في الكشاف، وكان رفعه لئلا يصيبه الماء النجس، وبقيت قواعده التي هي الأس. وفي العرائس: ثم طافت السفينة بأهلها الأرض كلها في ستة أشهر لا تستقر على شيء، حتى أتت الحرم: فلم تدخله ودارت بالحرم أسبوعا.
وقد رفع الله البيت الذي كان يحجه آدم صيانة له من الغرق، وهو البيت المعمور أي وكون حواء أسست البيت مع آدم يخالف ما جاء أن حواء أهبطت بجدة، وحرّم الله عليها دخول الحرم والنظر إلى خيمة آدم وإلى شيء من مكة لأجل خطيئتها، وأنها أرادت أن تدخل مع آدم إلى مكة فقال لها: إليك عني، قد خرجت من الجنة بسببك فتريدين أن أحرم هذا، فكان آدم إذا أراد أن يلقاها ليلم بها خرج من الحرم كله حتى يلقاها بالحل.
وذكر محمد بن جرير أن الله أهبط آدم على جبل سرنديب بالهند: أي وتقدم ما فيه وحواء بحدة بالحاء المهملة. وقيل بالجيم. فجاء آدم في طلبها فتعارفا بالمحل الذي قيل له بسبب ذلك عرفة، فاجتمعا بالمحل الذي قيل له بسبب ذلك جمع، وزلفت إليه في المحل الذي قيل له بسبب ذلك مزدلفة، وهذا يدل على أن جمع غير مزدلفة، وهو خلاف المشهور من أن جمع هو مزدلفة، إلا أن يقال كل من المحلين من جملة البقعة، وأطلق كل من الاسمين على جميع تلك البقعة.
وقيل سمي المحل عرفة، لأن جبريل عليه الصلاة والسلام لما علم إبراهيم عليه الصلاة والسلام المناسك وانتهى إلى عرفة وقال له أعرفت مناسك؟ قال نعم.
فسمى عرفة: أي والمراد مناسكه التي قبل عرفة، وإلا فعظم المناسك بعد عرفة، فليتأمل.
وفي الخصائص الصغرى عن رزين أنه روي «أن آدم عليه الصلاة والسلام.
قال: إن الله أعطى أمة محمد صلى الله عليه وسلم أربع كرامات لم يعطنيها: كانت توبتي بمكة وأحدهم يتوب في كل مكان» الحديث، وهو يدل على أن توبته كانت بسبب طوافه بالبيت. ويذكر أن حواء عاشت بعد آدم سنة.
وجاء «أن آدم لما فرغ من بناء البيت أمره الله تعالى بالمسير إلى أن يا بني بيت المقدس، فسار وبناه ونسك فيه» وحينئذ لا يشكل قوله صلى الله عليه وسلم وقد قيل له: «أي مسجد وضع في الأرض أولا المسجد الحرام، قيل ثم أيّ؟ قال بيت المقدس، قيل: كم كان بينهما؟ قال أربعون سنة» وحينئذ لا حاجة لجواب الإمام البلقيني إن المراد أن