للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدة المذكورة بين أرضيهما في الدحوّ أي دحيت أرض المسجد الحرام، ثم بعد مضي مقدار أربعين سنة دحيت أرض بيت المقدس» .

وفيه أن الإمام البلقيني إنما أجاب بذلك بناء على أن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الباني للمسجد الحرام، والباني لمسجد بيت المقدس سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام، فإن بينهما كما قيل أكثر من ألف عام. وكذا لا إشكال إذ كان الباني للمسجد الحرام آدم، والباني لمسجد بيت المقدس أحد أولاده كما قيل بذلك، ومن ثم أجاب بعضهم بأن سليمان إنما كان مجددا لبناء بيت المقدس: وأما المؤسس له فسيدنا يعقوب بن إسحق بعد بناء جده إبراهيم للمسجد الحرام بالمدة المذكورة، وأما على أن الباني لهما آدم فلا إشكال. وفي رواية أن أول من بنى الكعبة أي كلها بعد أن رفعت تلك الخيمة بعد موت آدم شيث ولد آدم بناها بالطين والحجارة: أي فهي أولية إضافية، ثم لما جاء الطوفان انهدم وبقي محله. وقيل إنه استمر ولم يبنه أحد إلى زمن ابراهيم عليه الصلاة والسلام.

ففي رواية «أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أراد بناء الكعبة جاء جبريل فضرب بجناحه الأرض، فأبرز عن أس ثابت على الأرض السابعة ثم بناها إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام على ذلك الأس» ويقال له القواعد: أي كما تقدم، وهذا الأس كما علمت لآدم أو للملائكة أولهما، وإنما قيل له أساس إبراهيم وقواعد إبراهيم لأنه بني على ذلك ولم ينقضه.

ومما يدل للقيل المذكور ما جاء في بعض الروايات عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت دثر مكان البيت أي بسبب الطوفان، بدليل ما جاء في رواية «قد درس مكان البيت بين نوح وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وكان موضعه أكمة حمراء، وكان يأتيه المظلوم والمتعوذ من أقطار الأرض وما دعا عنده أحد إلا استجيب له» .

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها «لم يحجه هود ولا صالح عليهما الصلاة والسلام، لتشاغل هود بقومه عاد، وتشاغل صالح بقومه ثمود» .

وجاء «إن بين المقام والركن وزمزم قبر تسعة وتسعين نبيا» ، وجاء «إن حول الكعبة لقبور ثلاثمائة نبي، وإن ما بين الركن اليماني إلى الركن الأسود لقبور سبعين نبيا، وكل نبي من الأنبياء إذا كذبه قومه خرج من بين أظهرهم وأتى مكة يعبد الله عز وجل بها حتى يموت» وجاء «ما بين الركن اليماني والحجر الأسود روضة من رياض الجنة، وإن قبر هود وصالح وشعيب وإسمعيل في تلك البقعة» .

أقول: ويوافق ذلك قول بعضهم: إن إسمعيل دفن حيال الموضع الذي فيه الحجر الأسود، لكن جاء «إن قبر إسمعيل في الحجر» وذكر المحب الطبري أن

<<  <  ج: ص:  >  >>