الحجر نادى أبو قبيس إبراهيم، فقال: يا إبراهيم هذا الركن فجاء فحفر عنه فجعله في البيت» وقيل تمحض أبو قبيس فانشق عنه.
أقول: وفي لفظ قال: «يا إبراهيم يا خليل الرحمن إن لك عندي وديعة فخذها، فإذا هو بحجر أبيض من يواقيت الجنة» ومن ثم كان أبو قبيس يسمى في الجاهلية الأمين لحفظه ما استودع، ويسمى أبا قبيس باسم رجل من جرهم اسمه قبيس هلك فيه. وقيل باسم رجل من مذحج بنى فيه يقال له أبو قبيس. وقيل لأنه اقتبس منه الحجر الأسود فسمي بذلك، ويحتاج إلى الجمع بين ما ذكر على تقدير صحته، وما ذكر في ترجمة إلياس أحد أجداده صلى الله عليه وسلم أنه أول من وضع الركن: أي الحجر الأسود حين غرق البيت وانهدم زمن نوح، فكان أول من سقط عليه: أي أول من علم به، فوضعه في زاوية البيت فليتأمل ذلك، والله أعلم: أي وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال عند المقام: أشهد بالله يكررها لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا أن نورهما طمس لأضاء ما بين المشرق والمغرب» أي من نورهما، ولعل طمس نور الحجر كان سببه ما تقدم فلا مخالفة.
وجاء «إنهما يقفان يوم القيامة وهما في العظم مثل أبي قبيس، يشهدان لمن وافاهما بالوفاء» وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «لولا ما مسهما من أهل الشرك، ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله تعالى» .
وعن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه: لما خلق الله الخلق، قال لبني آدم:
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى [الأعراف: الآية ١٧٢] فكتب القلم إقرارهم، ثم ألقم ذلك الكتاب الحجر، فهذا الاستلام له إنما هو بيعة على إقرارهم الذي كانوا أقروا به. قال رضي الله تعالى عنه: وكان أبي عليّ يقول: إذا استلم الحجر يقول: اللهم أمانتي أديتها، وميثاقي وفيت به ليشهد لي عندك بالوفاء. وفي كلام السهيلي «إن العهد الذي أخذه الله تعالى على ذرية آدم حين مسح ظهره أن لا يشركوا به شيئا كتبه في صك وألقمه الحجر الأسود، ولذلك يقول المستلم اللهم إيمانا بك، ووفاء بعدك» وقد جاء «الحجر الأسود يمين الله في الأرض» .
قال الإمام ابن فورك: وكان ذلك سببا لاشتغالي بعلم الكلام، فإني لما سمعت ذلك سألت فقيها كنت أختلف إليه عن معناه فلم يحر جوابا، فقيل لي: سل عن ذلك فلانا من المتكلمين، فسألته فأجاب بجواب شاف، فقلت لا بد لي من معرفة هذا العلم، فاشتغلت به، وهذا الذي قاله السهيلي يروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
فعن سيدنا عمر رضي الله عنه «أنه لما دخل المطاف قام عند الحجر وقال: