للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدا أكل لقمة ورمى لقمة إلى صخرة ينصبها بين يديه أنفة من أن يأكل وحده.

ومما يؤثر عنه: رب صورة تخالف المخبرة، قد غرت بجمالها، واختبر قبح فعالها فاحذر الصور واطلب الخبر (وكنانة بن خزيمة بن مدركة) ومدركة اسمه عمرو، وقيل له مدركة لأنه أدرك كل عز وفخر كان في آبائه، وكان فيه نور رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي ولعل المراد ظهوره فيه (ومدركة بن إلياس) بهمزة قطع مكسورة، وقيل مفتوحة أيضا، وقيل همزة وصل. ونسب للجمهور، قيل سمي بذلك، لأن أباه مضر كان قد كبر سنه ولم يولد له ولد فولد له هذا الولد فسماه إلياس، وعظم أمره عند العرب حتى كانت تدعوه بكبير قومه وسيد عشيرته، وكانت لا تقضي أمرا دونه.

وهو أول من أهدى البدن إلى البيت، وأول من ظفر بمقام إبراهيم لما غرق البيت في زمن نوح عليه السلام فوضعه في زاوية البيت كذا في حياة الحيوان فليتأمل، وجاء في حديث «لا تسبوا إلياس فإنه كان مؤمنا» وقيل إنه جماع قريش:

أي فلا يقال لأولاد من فوقه قرشي. وكان إلياس يسمع من صلبه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم المعروفة في الحج. قيل وكان في العرب مثل لقمان الحكيم في قومه. وهو أول من مات بعلة السل، ولما مات حزنت عليه زوجته خندف حزنا شديدا، لم يظلها سقف بعد موته حتى ماتت. ومن ثم قيل: أحزن من خندف (وإلياس بن مضر) قيل هو جماع قريش فلا يقال لأولاد من فوق مضر قرشي. ففي جماع قريش خمسة أقوال:

قيل قصي، وقيل فهر، وقيل النضر، وقيل إلياس، وقيل مضر، ويقال له مضر الحمراء، قيل لأنه لما اقتسم هو وأخوه ربيعة مال والدهما أعني نزارا أخذ مضر الذهب فقيل له مضر الحمراء، وأخذ ربيعة الخيل ومن ثم قيل له ربيعة الفرس.

وجاء في حديث «لا تسبوا ربيعة ولا مضر فإنهما كانا مؤمنين» أي وفي رواية «لا تسبوا مضر فإنه كان على ملة إبراهيم» وفي حديث، غريب «لا تسبوا مضر فإنه كان على دين إسمعيل» . ومما حفظ عنه: من يزرع شرا يحصد ندامة.

أقول: سيأتي في بنيان قريش الكعبة أنهم وجدوا فيها كتبا بالسريانية من جملتها كتاب فيه: من يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة، إلى آخر ما يأتي. وعن أبي عبيدة البكري أن قبر مضر بالروحاء يزار، والروحاء على ليلتين من المدينة والله أعلم.

وكان مضر من أحسن الناس صوتا، وهو أول من حدا للإبل، فإنه وقع فانكسرت يده فصار يقول يا يداه يا يداه فجاءت إليه الإبل من المرعى، فلما صح وركب حدا. وقيل أول من سن الحداء للإبل عبد له ضرب مضر يده ضربا وجيعا فصار يقول يا يداه يا يداه فجاءت إليه الإبل من مرعاها: أي لأن الحداء مما ينشط الإبل لا سيما إن كان بصوت حسن، فإنها عند سماعه تمد أعناقها وتصغي إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>