للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مولده صلى الله عليه وسلم كما ذكره أبو نعيم في الدلائل النبوية.

وقيل إن كعبا أول من قال «أما بعد» فكان يقول: أما بعد فاسمعوا وافهموا، وتعلموا واعلموا، ليل داج. وفي رواية: ليل ساج، ونهار صاح، والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام، والأولون كالآخرين، فصلوا أرحامكم واحفظوا أصهاركم، وثمروا أموالكم، الدار أمامكم، والظن غير ما تقولون: أي وقيل له كعب لعلوه وارتفاعه، لأن كل شيء علا وارتفع فهو كعب، ومن ثم قيل للكعبة كعبة ولعلوه وارتفاع شأنه أرّخوا بموته حتى كان عام الفيل أرخوا به ثم أرخوا بعد عام الفيل بموت عبد المطلب (وكعب بن لؤي) أي بالهمزة أكثر من عدمها. أي وفي سبب تصغيره خلاف (ابن غالب بن فهر) سماه أبوه فهرا، وقيل هو لقب واسمه قريش، والمناسب أن يكون لقبا لقولهم: إنما سمي قريشا لأنه كان يفرش: أي يفتش على خلة حاجة المحتاج فيسدها بماله، وكان بنوه يقرشون أهل الموسم عن حوائجهم فيرفدونهم، فسموا بذلك قريشا. قال بعضهم: وهو جماع قريش عند الأكثر، قال الزبير بن بكار: أجمع النسابون من قريش وغيرهم على أن قريشا إنما تفرقت عن فهر، وفهر هذا هو الجد السادس لأبي عبيدة بن الجراح. ولما جاء حسان بن عبد كلال من اليمن في حمير وغيرهم لأخذ أحجار الكعبة إلى اليمن ليا بني بها بيتا، ويجعل حج الناس إليه ونزل بنخلة، خرج فهر إلى مقاتلته بعد أن جمع قبائل العرب، فقاتله وأسره، وانهزمت حمير ومن انضم إليهم واستمر حسان في الأسر ثلاث سنين ثم افتدى نفسه بمال كثير، وخرج فمات بين مكة واليمن، فهابت العرب فهرا وعظموه وعلا أمره.

ومما يؤثر عن فهر قوله لولده غالب: قليل ما في يديك أغنى لك من كثير ما أخلق وجهك وإن صار إليك (وفهر هو ابن مالك) قيل له ذلك لأنه ملك العرب (ابن النضر) أي ولقب به لنضارته وحسنه وجماله، واسمه قيس، وهو جماع قريش عند الفقهاء، فلا يقال لأحد من أولاد من فوقه قرشي ويقال لكل من أولاده الذين منهم مالك وأولاده قرشي، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قريش؟ فقال من ولد النضر» أي وعلى أن جماع قريش فهر كما تقدم، فمالك وأولاده والنضر جده وأولاده ليسوا من قريش (والنضر بن كنانة) قيل له كنانة، لأنه لم يزل في كنّ من قومه. وقيل لستره على قومه وحفظه لأسرارهم، وكان شيخا حسنا عظيم القدر تحج إليه العرب لعلمه وفضله. وكان يقول: قد آن خروج نبي من مكة يدعى أحمد يدعو إلى الله وإلى البر والإحسان ومكارم الأخلاق، فاتبعوه تزدادوا شرفا وعزا إلى عزكم، ولا تعتدوا أي تكذبوا ما جاء به فهو الحق.

قال ابن دحية رحمه الله تعالى: كان كنانة يأنف أن يأكل وحده، فإذا لم يجد

<<  <  ج: ص:  >  >>